للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعوام وهي رسالة نفيسة قال: لأن العلماء نصوا على أن العامة ليس لهم مذهب معين (قال) وقد قال غير واحد لا يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب معين كما لم يلزم في عصر أوائل الأمة (قال) والذي أذهب إليه واختاره القول بجواز التقليد في التلفيق لا بقصد تتبع ذلك بل من حيث وقع ذلك اتفاقاً خصوصاً من العوام الذين لا يسعهم غير ذلك (إلى أن قال) ولا يسع الناس غير هذا ويؤيده أنه في عصر الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم مع كثرة مذاهبهم وتباينهم لم ينقل عن أحد منهم أنه قال لمن استفتاه الواجب عليك أن تراعي أحكام مذهب من قلدته لئلا تلفق في عبادتك بين مذهبين فأكثر بل كل من سئل منهم عن مسألة أفتى السائل بما يراه مجيزاً له العمل من غير فحص ولا تفصيل ولو كان ذلك لازماً لما أهملوه خصوصاً مع كثرة تباين أقوالهم انتهى.

وقال العلامة الدسوقي - من فقهاء المالكية في مصر - في حواشيه على شرح خليل في بحث الفتوى من خطبة الكتاب ما مثاله وفي كتاب الشبرخيتي امتناع التلفيق والذي سمعناه من شيخنا نقلاً عن شيخه الصغير وغيره أن الصحيح جوازه وهو فسحة (قال الدسوقي) وبالجملة ففي التلفيق في العبادة الواحدة من مذهبين طريقتان المنع وهو طريقة المصاروة والجواز وهو طريقة المغاربة ورجحت انتهى.

وقال ابن الهمام في فتح القدير في كتاب أدب القاضي: المقلد له أن يقلد أي مجتهد شاء ثم قال: وأنا لا أدري ما يمنع هذا أي تتبع الرخص وأخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهد أخف عليه من النقل أو العقل، وكون الإنسان يتبع ما هو أخف على نفسه من قول مجتهد مسوغ له الاجتهاد ما علمت من الشرع ذمه عليه وكان صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف عن أمته انتهى.

نقول هذا إقناعاً لمن يهوله أمر التلفيق ويزعم أن الحكم بجوازه شيء نكر مع أن أمامه من الأفاضل ممن نكبرهم من قال بجوازه لا بل من صححه ورجحه أما نحن فإنا نرى الرجوع في مسائله إلى سنة السلف والأئمة في مثلها كما أوضحناه وبالله التوفيق.

ما يعمل المفتي إذا فحص أقوال الأئمة

ذكر أبو عمر محمد بن يوسف الكندي في كتاب القضاة الذين ولوا قضاء مصر في تولية قضاء مصر لإبراهيم بن الجراح سنة ٣٠٤ ما مثاله: عن عمر بن خالد قال: ما صحبت