بها كانت أطول وأكثر مما وجدناه وأوردناه هنا. يؤيد ذلك ما جاء في سياق كلام ابن شرف في مقدمته للمجلس الأول حيث قال: فأقمت من هذا النحو عشرين حديثاً فالمظنون أنه يقصد بالحديث مجالسه مع الأستاذ الموهوم الذي سماه أبا الريان كما اختلق الحريري في مقاماته شخص الحارث بن همام واخترع الهمذاني عيسى بن هشام. فعسى أن يساعدني الحظ بالعثور على بقية هذا التأليف النفيس إن كان في عالم الموجودات.
وقد احترمت في الاستنساخ الطريقة التي أتى عليها الأصل في الرسم وضبطه إلا ما نبهت عليه أسفل المتن مع التعاليق.
ولما كان الاعتراف بالمعروف فريضة وجب عليّ أن أرفع شكري الخالص للكاتب البليغ والباحث المدقق أخينا في الله محمد بدر الدين أفندي النعساني الذي أعانني بعلومه النيرة لإزالة بعض مشكلات النسخة التونسية كما أقدم عبارات ودادي إلى العالم المستعرب المتمكن صديقي الأستاذ كارلو نالينو الذي أسعفني بالحصول على صور القطعة الأندلسية وهو لا يزال يفيدني بإشاراته العلمية وفكره الصائب فجزيا عني خير جزاء والله ولي التوفيق به أهتدي وإليه أنيب.
تونس // حسن حسني عبد الوهاب
ترجمة المؤلف
نبغ أبو عبد الله محمد بن أبي سعيد بن أحمد بن شرف الجذامي القيرواني نحو سنة ٣٩٠ من إحدى البيوتات الشريفة القادمة مع الجيش العربي الفاتح والقيروان إذ ذاك زاهية زاهرة بالعلوم رافلة بالمعارف والفنون فروى المعقول والمنقول عن أفاضل ذلك العصر كأبي الحسن القابسي وأخذ الفنون الأدبية من أساتيذتها كأبي إسحاق إبراهيم الحصري القيرواني ومحمد بن جعفر القزاز وغيرهما حتى برع فيها وأجاد فألحقه حينئذٍ المعز بن باديس الصهناجي أمير أفريقية بديوان حاشيته لما رأى فيه من الذكاء والنجابة. وهناك التقى ابن شرف بجماعة من الكتاب البلغاء والشعراء الظرفاء الذين كان يجمعهم املك مثل علي بن أبي الرحال الكاتب رئيس قلم التحرير والمراسلات وأبي علي الحسن بن رشيق صاحب العمدة ومحمد بن حبيب القلانسي وغيرهم. وطبيعي أن وجود ابن شرف في مثل هذا الوسط دعاء إلى تتبع الوجهة التي شب عليها وقوي نشاطه إذ كان أولئك الأدباء