وخرائب بانياس على ما انتابها من حوادث الأيام ولا سيما الزلازل تدل على عظمة من استولوا عليها ومياهها غزيرة للغاية لو توفرت العناية بإخراج الصخور والردوم من طريقها لتضاعفت كميتها ولما كانت تقل عن مياه بردى وللإفرنج كلام طويل في عمران هذه القرية الحقيرة اليوم والمدينة العظمى أمس فقد قالوا أن اسمها مطابق للاسم اليوناني الذي كان يطلق على هذه المدينة والكورة بأجمعها سميت بذلك لمغارة اختصت بعبادة بان وهي تحت منبع الأردن وقد أنشأ فيها هيرودس معبداً على اسم أعسطس وأنجز ابنه قيليبس بناء هذه المدينة وسماها قيسرية فيليبس تمييزاً لها عن قيسارية فلسطين وقد وسمها هيرودس أغريبا الثاني وسماها نيرنياس وهو اسم أطلق عليها مدة قليلة من الزمن وكان فيها منذ القرن السادس أسقيفة تابعة للكرسي الأنطاكي واستولى عليهاالصليبيون لما فتحوا هذه البلاد وهي قلعة الصبيبة التي لم يبق اليوم منها سوى أنقاضها وذلك سنة ١١٢٩ أو ١١٣٠ عندما حاولوا فتح دمشق وقد قال أحد شعرائها في وصف غارتهم:
بشطي نهر داريا ... أمور ما تؤاتينا
وأقوام رأوا سفك الد ... ما في جلق دينا
أتانا مئتا ألف ... عديداً أو يزيدونا
فبعضهم من أندلس ... وبعض من فلسطينا
ومن عكا ومن صور ... ومن صيدا وتبنينا
اذا أبصرتهم ابصر ... ت أقواماً مجانينا
تخالهم وقد ركبوا ... قطائها حرازينا
وبين خيامهم ضموا ال ... خنازر والقرابينا
ورايات وصلباناً ... على مسجد خاتونا
واستولى على بانياس تاج الدين بوري صاحب دمشق سنة ١١٣٢ م وأعيد الاستيلاء عليها سنة ١١٣٩م واستولى نور الدين على المدينة لا على القلعة سنة ١١٥٧م ثم أنقذها بودوين الثالث أحد ملوك الصليبيين وعاد نور الدين فاستولى عليها سنة ١١٦٥م ودك السلطان المعظم حصونها ومعالمها وذلك بعد أن استولى الإفرنج على تلك القلعة من سنة ١١٣٩ إلى ١١٦٤ وأكثر ما فيها إلى الآن من الكتابات العربية من القرن السابع. والإطلال من