للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوراً وبعد أن كانت الأراضي الزراعية متسعة الأرجاء في بلاد بشارة أصبحت على طول المدة حراجاً واسعة ومراعي إلا بعض الأراضي المجاورة للقرى والمزارع.

وسكان الجبل شيعة إمامية وليس بينهم سنة إلا النادر جداً وبعض المسيحيين ممن التجأوا إلى أهل البلاد أيام حوادث لبنان منذ ٥١ سنة دع عنك من في صور وصيدا من السكان الأصليين وهذا الجبل مبعث التشيع في بلاد الشام ومنهم قسم في جزين والمتن والبترون وكسروان من لبنان وبلاد بعلبك وكان علماؤهم أو فقهاؤهم يدرسون في مدارس مهمة كانت لهم في هذه الديار مثل مدرسة جباع التي خرجت جلة فقهائهم وأدبائهم عرفناهم بكتبهم وأعمالهم ومدارس ميس وعيناتا وجزين ومشغرا والشقراء وكل هذه المدارس الدينية درست اليوم حتى اضطر القوم أن يرسلوا ببعض أبنائهم إلى النجف في العراق يتلقون العلوم الدينية عن أئمتهم هناك وبعد أن يقضوا بضع سنين يعودون وقد حفل وطابهم بما ثقفوه من مدرسة النجف التي هي للشيعة بمثابة الأزهر للسنة.

وإني ليسوءني ما سمعته من تعصب بعض هؤلاء الفقهاء على المدنية الحديثة تعصباً ما كنت أخال صدوره ممن يدرك سر الحياة في الأمم فقد نقل لي أن بعضهم يحرمون إلى اليوم قراءة الصحف لأنها تضر بالدين بزعمهم وتشغل عن الآخرة حتى أن القحة بلغت ببعضهم أن حرم على المنبر قراءتها وجاهر بلعن من يؤازرها فاضطر كثير من ضعاف العقول أن يقطعوا اشتراكاتهم بالمجلات والجرائد ليعيشوا بدون نور إلا ما يرسله عليهم مشايخهم ممن خفت وطأتهم ولله الحمد بعد الدستور وكانوا مع الأعيان فيما مضى يعرقون لحم الفقير ويمتصون دمه ولا راحم فنفس القانون الأساسي من الخناق بعض الشيء وتوشك تلك البقعة من سلطة الجامدين من رؤساء الدين أن تذهب كأمس الدابر إذ ليس في متن الإسلام ولا في حواشيه وشروحه ما يقال له سلطة دينية. وفي الحال التي انتهى إليها المسلمون على اختلاف مذاهبهم عبرة لمن ألقى السمع وهو شهيد.

تراجع التعليم تراجع التعليم الديني في عامل وكان إبطال امتحان طلبة العلوم الدينية أيام عبد الحميد من جملة الأسباب ولكن البلاد ما خلت ولا تخلو من مفكرين وعالمين ممن يعتبرون الأمور بمقاصدها وينظرون إلى النافع من حيث هو وقد كاد أعيان البلاد ينزعون تلك التقاليد التي وضعها الجامدون من الامتناع عن الاختلاط بالمخالف ولا سيما إذا كان