للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غير أهل الإسلام ومنهم اليوم من يبعثون بأولادهم إلى المدارس العالية في بيروت وفي صيدا وكأني بهم وهم يرسلون أبناءهم غداً إلى الغرب ليستقوا العلوم من مصادرها كما فعل أخوانهم المسلمون في بيروت ودمشق وبعلبك وحاصبيا ولو بعثوا من ناشئتهم لتلقي شؤون الدنيا بمثل العدد الذي يبعثون به إلى العراق لتلقف مسائل الدين إذاً لأصبح عامل أرقى بمجموعه من لبنان وما لبنان عنه ببعيد.

ولسائل أن يسأل ما إذا كانت عاقبة سلطة الرؤساء في المرؤوسين هنا فالجواب أنها علمت الكثير منهم الاحتيال وشهادة الزور والاستهتار بالشعائر سراً. أخلاق تجدها في كل مغلوب على أمره ارتضى غير قانون العقل دستوراً. ولا يفهم من هذا أن جبل عامل اختص بذلك من دون سائر بلاد الشام فإن هذا القطر متساو في أخلاقه إلا قليلاً ومتى تعلم أبناؤه التعليم الابتدائي لأن القارئين والكاتبين لا يزيدون في قرية من قرى عامل على عدد الأنامل ينزعون أيديهم ولا جرم من أيدي أولئك الذين قضى عليهم نكد الطالع أن يكونوا كالميت بين يدي الغاسل يحركونهم بحسب ما تملي الأهواء النفسية.

هذا إجمال عن بلاد عامل بقي أن نقول أن الحكومات أخطأت في تقسيماته الإدارية فجعلت مراكز الحومة في أقاصي تخومه وتركت أواسطه بدون وازع جعلت الأقضية في صور وصيدا ومرج عيون وأنشأت من النبطية وتبنين مديريتين والمديريات ضعيفة السلطة بالنسبة للأقضية والألوية ففي مديرية النبطية مثلاً ٤٣ قرية فيها من السكان نحو ٢٥ ألفاً أفلا يجدر بها أن تكون قضاء برأسه وهكذا لو نظرت في التقسيم الماضي لرأيته غير معقول والجبل يحتاج لبعض مديريات وبضعة أقضية لتحسن طرق جبايته ويكون للحاكم قوة تحول دون التعادي بيد أن الأمن موفور فيه خصوصاً بعد الحملة الحورانية التي سرت منافعها إلى أقاليم سورية عامة وتحدث القوم بانتباه حكومة الدستور لكل مشاغب ومنتقض يجاذبها حبل الخروج عن الطاعة ولو جمعت الأسلحة من جبل عامل واللكام لاستراحت سورية بأجمعها آخر الدهر إن شاء الله.

ورجاءنا أن يعود إلى هذا الجبل سكانه المهاجرون أو سوادهم الأعظم على الأقل وقد تهذبت عقولهم التهذيب الغربي في الجملة فيعمرون رباعه وبقاعه على نحو ما عمر اللبنانيون بلادهم ويبذروا فيها من المال في الطرق المحمودة ما يعود عليهم وعلى جبالهم