أقاموا بها بعض الأبراج في البحر لا يزال بعض أنقاضها بادياً وحكمها الأمير فخر الدين المعني وعبثاً حاول إنهاضها من كبوتها
وإذا نظرت إلى البلاد رأيتها ... تشقى كما تشقى العباد وتسمد
أصحيح أن عكا وصور وهما الآن فرضتان حقيرتان جداً من موانئ الشام كان لهما من المكانة في القديم ما لم تحز بيروت بعضه اليوم مهما بلغ من مجدها البحري وأن صور كانت هي وعكا ميناء دمشق وسائر المدن الداخلية منهما تصدر التجارات وترد الواردات وهمما مقصد السياح من الشرق إلى الغرب وبالعكس.
قال ياقوت: إن صور مشرفة على بحر الشام داخلة في البحر مثل الكف على الساعد محيط بها البحر من جميع جوانبها إلا الربع الذي منه شروع بابها وهي حصينة جداً ركينة لا سبيل إلا بالخذلان وهي معدودة في الإسلام من أعمال الأردن بينها وبين عكة ستة فراسخ وهي شرقي عكة. وذكرها شيخ الربوة من جملة العجائب فقال: إن البحر الرومي منها رمية نشاب وهي مربعة البناء من خارج وهي مثمنة من الداخل وعمق الماء إلى أسفل ثلاثة وأربعون ذراعاً بالكبير ويخرج منها ماء كثير وجريته فرسخين يجري إلى المعشوقة يسقي أنصاباً ومزروعات وروى ابن فضل الله: إن صور كانت ولاية في القرن الثامن وفيها كنيسة يقصدها ملوك من البحر فلهذا لا يزال عليها الرقبة وهم على هذا يأتونها مباغتة ثم يفضون فيها ما أرادوا ثم ينصرفون ولعل تلك الكنيسة هي كنيسة اللاتين التي يقال أنها من بناء الملك قسطنطين وقال البكري إن السفن كانت تسلك من الاسكندرية إلى أبي قير فدمياط فبحيرة تنيس ثم إلى جزيرة دبقوا وهي التي تصنع فيها الثياب الديبقية ثم إلى تيدار ميماس (؟) ومنها إلى غزة فمليحة الواردية فعسقلان فقيسارية فرأس الكرمان (لعله رأس الكرمل) فحيفا فعكا فصور وهي داخل البحر وهي ساحل بيت المقدس ثم إلى صيدا ثم إلى بيروت ثم إلى طرابلس الخ. وأنت ترى اليوم أن من بين هذه الموانئ السورية ما لا تقف عليه المراكب مثل عسقلان وقيسارية وصور وصيدا فسبحان محول الممالك قرى وجاعل المجاهل معالم.
وقال الشريف الإدريسي: بأن صور كانت مرسى يدخل إليه من تحت القنطرة وعليه سلسلة تمنع الراكب من الدخول قال ابن سعيد: صور التي لا يرام لحصار من جهة البر