للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي صيدا أول ما أحدثه كنعان علة بضعة مراحل من جنوبي بيروت ولم تكن إلا قرية للصيادين (كما يدل عليه اسمها نفسه) بناها على ما جاء في روايتهم القديمة الإله بعل (المعروف عند اليونان بسم آجنور) على المنحدر الشمالي لرأس صغير يشرف بانعطاف نحو الجنوب الغربي وقد كان لميناها عند السلف شهرة فائقة وهي محصورة بين صخور منخفضة متتابعة تبتدئ من النهاية الشمالية لشبه الجزيرة ثم تمتد بحذاء الساحل على مساحة بضع مئات من الأمتار والسهل المحيط بها يسقيه نهر جميل يعرف باسم بوسترين نهر الأولي وفيها كثير من البساتين الغناء الاريضة حتى أوجب هذا الموقع الطبيعي وهذا الجمال الخلقي تسميه المدينة بصيدون الزهراء وبحوارها شمالاً نهر الدامور وهي تمتد جنوباً إلى مصب نهر الليطاني وفيما وراء ذلك من البلاد كان في حكم الصوريين.

قالوا وفي الأحقاب الخوالي التي مضت على العالم أي أيام كان الآلهة يعيشون بين الناس اختط سمروم على القارة رسم مدينة من قصب الغاب وأمامها استقر أخوه هيزعوس في بضع جزار أقام فيها أعمدة مقدسة. وهيزعوس هذا أول بحري في العالم. وكان هذا مبدأ صور ثم جاءها بعد ذلك ملكارت وهو عند الصوريين مثل هرقل الجبار المشهور في جاهلية اليونانيين ويؤكد كهنة هذا الرب أن هيكله بني هو والمدينة في وقت واحد وقد مضى نحو ألفي سنة وثلثمائة سنة حينما زارهم المؤرخ هيرودتس فعلى حسابهم يمكننا أن نقول بأن مدينتهم هذه أسست في نحو سنة ٢٧٥٠ ق. م.

استكانت صور صيدا للفاتحين كما استكانت جبيل وبيروت من مدن الفينيقيين فتفرغت إلى عهد رعمسيس الثاني أحد ملوك الفراعنة لاحتكار جميع تجارة مصر مع أمم آسيا والبحر الأبيض المتوسط وفي القرن الثاني عشر ق. م حصلتا على استقلالهما لما ضعف أمر العائلة العشرين من الفراعنة وكان خلال ذلك العهد كل من صور وصيدا عبارة عن دولة صغرى تطمح إليها أنظار مجاوريها بسبب ما أحرزتاه من توفر أسباب الثروة ولكنهما قاومتا هذه الأطماع مدة بما كان لهما من الحصون والأسوار غير أنهما لم يتأت لهما البقاء زماناً على هذا الاستقلال فأقلع من عسقلون (عسقلان) أسطول فلسطيني سنة ١٢١٠ وتلاقى بعمارة الصيدونيين فدمرها تدميراً ثم استولى على مدينة صيدون ومن نجا من أهلها فروا إلى صور فقويت بهم حتى صارت أقوى دولة فينيقية وفي أيام حيرام الأول