بدون مقاومة وقامت على عهد الصليبيين أهوالاً ودفعت مالاً سنة ١١٠٧ حتى رفع الصليبيون عنها الحصار إلا أن بودوين الأول عاد فاستولى عليها سنة ١١١١ وبعد وقعة حطين دك السلطان صلاح الدين أسوارها سنة ١١٨٧ م ثم عاد الصليبيون فاستولوا عليها سنة ١١٩٧ واستخلصها منهم الملك العادل وخربها في تلك السنة فأعاد الإفرنج بناءها سنة ١٢٢٨ فخربها المسلمون سنة ١٢٤٩ ثم حصنها سان لوي سنة ١٢٥٣وابتاعها فرسان الهيكليين الصليبيون وهاجمها المغول سنة ١٢٦٠ فجعلوا عاليها سافلها ثم وقعت في أيدي المسلمين ودك الملك الأشرف حصونها.
ولم تنهض صيدا من كبوتها إلا في القرن السابع عشر على عهد الأمير فخر الدين المعني أحد أمراء الدروز الذي جعلها مقر ولايته ونشط الأوربيين على نزولها حتى أزهرت تجارتها وأقام فيها قصراً له وخانات للتجارة وكان بعضهم من أهل طوسكانيا في إيطاليا وبعضهم من الفرنسيين وجلب تجارة الحرير إليها ثروة هائلة وظلت المدينة متقدمة في تجارتها إلى أواخر القرن الثامن عشر وامتدت ايالة صيدا سنة ١٨٣٨ فتألفت من بلاد ساحل عتليت وعكا وشفا عمرو والجبل والشاغور وبلاد بشارة وطبرية وصفد والناصرة وتوابعها من القرى والعرب المخيمين في ضواحيها وقد ضربت أساطيل الأوربيين المتحدة سنة ١٨٤٠ قلعة الرفاء وما زالت أنقاضها بادية.
وكانت صيدا مرفأ دمشق الوحيد في القرن السابع عشر والثامن عشر كما كانت في القرون الوسطى وبين دمشق وصيدا ستة وستون ميلاً والميل ثلاثة آلاف ذراع أو ستة وتسعون ألف إصبع والفرسخ ثلاثة أميال وثلاثمائة ألف إصبع يقص اثني عشر ألف إصبع وكانت الطريق على رواية العزيزي من صيدا إلى مدينة مشغرا وهي أنزة بلد في تلك الناحية في واد في نهاية الحسن بالأشجار والأنهار والمسافة أربعة وعشرون ميلاً ومن مدينة مشغرا إلى مدينة تعرف بكامد (الغالب أنها كامد اللوز قرية في غربي البقاع) قاعدة تلك البلاد قديماً ستة أميال ومن مدينة كامد إلى ضيعة تعرف بعين الجر ثمانية عشر ميلاً ومن عين الجر إلى مدينة دمشق ثمانية عشر ميلاً.
ولا يعرف بالتحقيق الباني الأول لصور وصيدا والأرجح أن الأولى بنيت في أيام جلعاد من سبط منشأ بني عمون اليهود والثانية بناها صيدون بكر كنعان. وكانت مدينة صيدون