تعريفه بأنه نفي صفة ذم ثم استثناء صفة مدح محضة ليس فيها شائبة ذم ويستشهد عليه بنحو قولهم لا عيب في زيد سوى الكرم وبنحو قول القائل:
لا عيب فيه سوى مكارمه التي ... نسبت لحاتم بخل كل بخيل
والقسم الثاني يقال في تعريفه بأنه إثبات صفة مدح أخرى خاليتين من شائبة ذم ويستشهد عليه بقوله عليه الصلاة والسلام أنا أفصح العرب بيد اني من قريش وببيت النابغة الجعدي المتقدم وبنحو قول القائل:
وظبيٌ ثناياه الصحاح كما ترى ... من الريق يرويها الرضاب المبرد
وقد حاز أشتات البها غير أنه ... له مقلة كحلا وخدّ مورّد
وقول البديع الهمذاني:
هو البدر إلا أنه البحر زاخر ... سوى أنه الضرغام لكنه الويل
وإنما جعلنا هذين القسمين لنوع واحد لأنهما كما ترى من نمط واحد وليس فيما بينهما من الفرق ما يدعو إلى جعلها نوعين. أما أصحاب البديعيات فقد وقفت على عشرين بديعية فما وجدت بين ناظميها من تنبه لما ذكرت بل استقوا جميعهم من بحر واحد ولم يأتوا بغير إيهام النوع إلا صفي الدين الحليّ حيث قال:
لا عيب فيهم سوى أن النزيل بهم ... يسلو عن الأهل والأوطان والحشم وهو مأخوذ من
قول القائل المتقدم:
ولا عيب فيكم غير أن ضيوفكم ... تعاب بنسيان الأحبة والوطن
وكذلك الشيخ ابن المقري في قوله:
لا عيب فيه سوى تسليط نقمته ... على العدا ومواليه على النعم
فانه قال في شرحه أن تسليط النقم عيب ولكنها لما كانت على الأعداء كانت مدحاً وعندي فيه نظر والله أعلم.