لأنه في تقلبه كثيراً ما يلامس الماء فيلقيها فيه ولذلك فهواء البحار أقل نقلاً للمرض والعدوى به. وكلما ارتفعنا به في الجبال قل وجوها حتى تكاد تفقد على علو٦٠٠ متر فما فوق ذلك. ولهذا السبب تنسب مناعة أهل الجبال على بعض الأمراض كالهواء الأصفر وغيره مما لا تنقل ميكروباته إلا محمولة على ذرات الغبار التي تقل جداً في هواء الأماكن المرتفعة.
وتعيش الميكروبات على الحيوانات في درجات مختلفة من الحرارة. والنبات أقل ملاءمة لنموها لما فيه من السوائل الحامضة. إلا أنها تكثر أيضاً في الجذور والأغصان ذات الغدد تحت الأرض وفوقها. وهي تكثر في القناة الهضمية إلا حيث تجتمع المفرزات الحامضة لأن الحامض عدوها ولذلك يحسن معاطاته في أوقات انتشار الأوبئة. وقد علق بعض العلماء مكان كبرى على استعمال اللبن الرائب لما فيه من الحامض حتى نسب طول الحياة إلى طول استعماله غذاء.
تولد الميكروبات ونموها فعلاً: تتولد الميكروبات بالانقسام الذاتي فتتخذ أشكال أنواعها المتعددة بين مستدير وضمني وخيطي الخ. والمعتاد أن يكون انقسامها عرضاً لا طولاً فتنشق كالبراءة إذا نصفناها بالشق طولاً.
وقد امتحن بعضهم سرعة تولد هذه المخلوقات الصغيرة فزرع حويصله خويطية منها في مرق الساعة ١١ صباحاً وكانت أشبه شيء بنقطة ترسم برأس إبرة فتضاعفت بعد ساعة بالانتفاخ وأفرخت عن الساعة ٣. ٥ بعد الظهر وصارت عشرة أضعاف حجمها الأصلي عند الساعة ٨. ٥ اتخذت شكلاً مستطيلاً معقداً وعند نصف الليل كان قد بلغت ١٢ عقدة كل منها حويصلة مستقلة. وبعد ذلك بدأت تنقسم عند ثلثها الأعلى انقساماً جانبياً بشكل قضبان دقيقة.
وهذا الانقسام كثيراً ما يحدث في بعض الأنواع بعد نصف ساعة من زرعها وما يشتق منها يعود فينقسم أيضاً بمثل هذا الوقت فيبلغ عدد ما يتولد منها في ٢٤ ساعة ملايين الملايين كما لا يخفى على الحساب. وبعد هذا الإيضاح نعلم شدة الخطر جلياً من كثرة تولد الميكروبات الضارة داخل الجسم بمثل هذه السرعة. ولا يكون على الجسم خطر منها إلا إذا كانت من الأنواع التي تترك في الدم مفرزات أو بقايا سامة أي لا تلائم بطبيعتها الدم