حكى التبريزي أقوالاً أخرى في البيتين تخرجهما عما نحن فيه.
(ومنها) قول الكميت:
أحلامكم لسقام الجهل شافية ... كما دماؤكم تشفي من الكلب
جاء في معاهد التنصيص قال ابن الأعرابي: كانت العرب تقول أن من أصابه الكلب أو الجنون لا يبرأ منه إلا أن يسقى من دم ملك فهو يقول أن ممدوحيه أرباب العقول الراجحة ملوك وأشراف ومثله قول القاسم بن حنبل من شعراء الحماسة:
بنات مكارم وأًساة كلم ... دماؤهم من الكلب الشفاءُ
وقد حكة التبريزي في شرحه نحواً مما حكاه ابن الأعرابي ثم قال وقيل في دوائه أن تشرط الإصبع الوسطى من يسرى رجل شريف ويؤخذ من دمه قطرة على تمرة فيطعم المعضوض فيبرأ وقيل أنه يسعط به انتهى. ومثله قول عبد الله بن الزبير (بفتح الزاي وكسر الباء) الأسدي في عبد الله بن زياد:
من خير بيت علمناه وأكرمه ... كانت دماؤهم تشفي من الكلب
وقول عبد الله بن قيس الرقيات:
عاودتي النكس فاشتفيت كما ... تشفي دماءُ الملوك من كلب
وقول ابن عباس الكندي لبني أسد في قتلهم حجر بن عمرو:
عبيد العصا جئتم بقتل رئيسكم ... تريقون تاموراً شفاءً من الكلب
التامور هنا الدم. وكلهم اقتصروا على ذكر الكلب وقد جمع الفرزدق بينه وبين الجنون فقال:
ولو تشرب الكلبى المراضى دماءنا ... شفتها وذو الخبل الذي هو أدلف
وذكر الجنون عاصم بن فرية الجاهلي فقال:
وداويته مما به من مجنة ... دام ابن كهال والنطاسي واقف
وقلدته دهراً تميمة جده ... وليس لشيء كاده الله صادف
صادف بمعنى صارف. قال الجاحظ وكان أصحابنا يزعمون أن قولهم دماءُ الملوك شفاء من الكلب على معنى أن الدم الكريم هو الثأر المنيم وأن داء الكلاب على معنى قول الشاعر: