للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذا تبدى فعلت ذلك إما للتشبه بالإماء حتى تأمن السباء أو لما تداخلها من الرعب انتهى. قلت وليس من هذا ما أنشده الاشنانداني في كتاب معاني الشعر لذي الخرق الطهوي أو لغيره:

ولما رأين بني عاصم ... ذكرن الذي كن أُنسينه

فوارين ما كنَّ حسرنه ... وأخفين ما كنَّ أبدينه

لأن معناه كما فسره أنهن نساءٌ قد سبين فنسين الحاء وأبدين وجوههن فلما رأين بني عاصم أيقن أنهن قد استنفذن فراجعن حياءهن فسترن ما كن أبدينه انتهى.

(ومنها) قول عنترة:

تركتُ جريَّة المعمري فيه ... شديد العير معتدل شديد

فإن يبرأ فلم أنفث عليه ... وإن يُفقد فحقَّ له الفقود

يقول تركه وفيه سهم شديد العير والعير الناتئُ وسط النصل والبيت الثاني بني على عادة كانت لهم وهي أن الرجل منهم كان إذا رمى بسهم وأراد سلامة الرمية منه رقى سهمه وإذا أراد الإهلاك لم يفعل ذلك.

(ومنها) قول كبشة أخت عمرو بن معد يكرب:

أرسل عبد الله إذ حان يومه ... إلى قومه لا تعقلوا لهم دمي

ولا تأخذوا منهم أفالاً وأبكراً ... وأترك في بيت بصعدة مظلم

البيت الأول مخروم وصعدة مخلاف من مخاليف اليمن والمعنى أن هذا المرثي أرسل يقول لقومه بلسان الحال لا تأخذوا بدل دمي عقلاً أي دية وتتركوني في قبرٍ مظلمٍ تريد بذلك تحريضهم على أخذ الثأر ولا يفهم من ظاهر قولها بيت مظلم إلا حكاية الحال لأن القبر لا يكون إلا مظلماً ولكن الأمر ليس كذلك بل هو مبني على ما كانوا يزعمون أن قبر المقتول لا يزال مظلماً حتى يثأروا به فإن فعلوا أَضاء.

(ومنها) قول جرير يرثي قيس بن ضرار:

أظن انهمال الدمع ليس بمنتهٍ ... عن العين حتى يضمحل سوادها

وحقَّ لقيس أن يباح له الحمى ... وأن تُعقر الوجناءُ إن خف زادها

وهو مبني على عادة لهم وهي أن الرجل كان إذا مرَّ بقبر رئيس وهو في صحبة أحب أن