حاجة وتربيتها الاتكالية زادتها اعتصاماً بالإيمان لأنه يقول بإله قادر يحييها ويرعاها.
وهي لا تشعر بخوف الله فقط بل تشغف بحبه وتبتهل إليه في النوازل الشداد فيخترق الظلمات المطيفة بها نور رجاء ينضر به عيشها وكلما قلت مطالبها في الحياة زادت استمساكاً بحبل الدين وكثيراً ما تنتابها اضطرابات دينية تذهل صوابها.
ولا يجوز لنا الإغضاء عن أن الرجل هوة الذي أوجد في المرأة تلك الفطرة ودعا إلى الدين فأجابته مذعنة شأنها في الخضوع لما تعتقد به العظمة والتفوق من أفواه الإخبار مبادئ وتستعذب سلطته لأنه يمنحها غبطة دائمة ويمني آمالها بحياة مستقيلة تمحو جميع آلامها الحاضرة فلم يخطر لها قط أن ترغب عن ذلك الجمال الفتان والأمل المتلألئ.
وعلينا أن نفرق بين الديانة والتدين فشعور الرجل بالدين يختلف عن شعور المرأة بذلك الدين وبين التقي والتقية والأخ والأخت أتباع المذهب الواحد اختلاف جنسي في الإيمان وتلازم العجائز المعابد واجدات في الصلاة غبطة ونعيماً وهن في ذلك أقرب إلى الرجال الطاعنين في السن منهن إلى أخواتهن في ريعان الصبا وكلما تعمق الباحثون في درس هذه العاطفة عند المرأة وجدوها منبعثة عن المركز الذي تشغله في المجتمع الحاضر فهي أقوى استمساكاً بحبل الدين وأشد خضوعاً للعقائد والأفكار. صفات للمرأة أفادتها إياها حالتها الاجتماعية والأدبية وتلك العاطفة الدينية ليست سوى نتيجة أعمال الرجل في ألوف من السنين.
هل المرأة أرقى شعوراً من الرجل -. منذ خمسين سنة قام جدال بين علماء النفس على انحطاط إحساس المرأة فذهب لومبروزو وتلامذته إلى ضعف شعورها وخالفه في رأيه مانتكيزا ومن تابعه وينطوي في هذين المبدأين العامين نظريات ثانوية لا تكاد تحصى وإنما تنشا عن اقتصار الباحثين على بعض الموضوعات المحدودة وأوسع مجال الاختلاف أن التجارب أنجزت في ممالك مختلفة ومما لا ريب فيه أن للبيئة وطراز المعيشة تأثيراً في الشعور فالبرابرة أقل شعوراً بالألم من المتمدنين وهؤلاء متفاوتون أيضاً في شعورهم فإن أبناء الطبقات العالية المترفين ممن ألفوا الرفاهية أناقة العيش يشعرون بالألم فوق شعور المزارعين ومتى علمنا ذلك لم يسعنا أن نعزو التفاوت في الشعور إلى الجنسية بل إلى أحوال الحياة التي تفرق بين الجنسين.