الحب والجمال المعنوي -. إن ما تخسره المرأة مادياً تربحه معنوياً وهذه الأمومة تكبدها آلام لا تطاق إلا أنها تحبوها أرقى الصفات التي يمتاز بها الجنس البشري وهي الحب والحنان فالمرأة في سهرها الدائم على طفلها وعنايتها به يرتقي شعورها بالمحبة والعطف.
وفي حب الأمهات تسطع أسمى عاطفة في الوجود ويزدهر رجاء لا حد له لقربه عين الإنسانية وينفجر ينبوع هذا الحب في كل مكان فيرسم على كياننا آثاراً لا تمحى. ولا يضمحل حب المرأة إلا بانقراض آخر رجل فارتباطها بوجودنا يحملها على حفظ العهود وصيانة المواثيق ويحق للمرأة أن تفاخر بوظيفتها الاجتماعية فإن الأمومة هي مصدر الفضائل والمحبة الغيرية التي يحيا بها المجتمع الإنساني وهذا الحب الشديد الذي يفصل بينها وبين الرجل ليس إلا ليبوأها في الحياة الاجتماعية مكانة أسمى من مكانته إذا أعيا تكافل الجنسين دون مساواتهما في العظمة واشتراكهما في مقاساة الآلام.
كذب المرأة -. تنمو على شجرة حياء المرأة في أحوالها المختلفة فروع تخيل للرائي أنها المميزات الفارقة بين الجنسين وكثيراً ما يمر بها المفكرون غير محتفلين بالأسباب الطارئة التي جعلت بعضها نضيراً زاهراً يستهوي العيون مرآه والآخر ذاوياً جافاً ينبو عنه البصر على أننا إذا بدلنا بيئة الشجرة تلاشت الفروع الذابلة ولو أحاطت بالمرأة صروف الرجل لكان لها فضائله ورذائله.
وما وجدنا أعجز من رأي من يأخذ على المرأة اعتلاقها بأسباب الرياء وهي سلاح الضعفاء في النزاع الحيوي ولا بد لنا من كلام يزيد القضية وضوحاً ونحن نرى علماء النفس على اتفاق في هذا الحكم الذي يشمل المجتمعات الإنسانية من أرقاها إلى أدناها فإذا قضي على الضعيف أن ينازع القوي مال إلى المراوغة والكذب وذلك شأن المرأة فكلما تحرج موقفها لجأت إلى الإفك والبهتان ذوداً عن نفسها ويقول سبنسر: إن الكذب يرافق كل حالة اجتماعية قائمة على دعامتي القوة والخوف قوة السائدين وخوف المسودين قوة واقتداراً غير أن الفلاسفة والمتشرعين وعلماء النفس والشعراء والقصصين أغضوا عن مصدر الشر وجعلوا الكذب صفة غريزية في المرأة ومشى على هذا المذهب الشارعون فحرموا المرأة حق الشهادة زاعمين أنها أقل صدقاً من الرجل فأدى ذلك إلى استطرادها في هذا السبيل وما كان ذلك إلا ليزيد تعاسة الرجل فشقاؤه ورياؤها متلازمان والآلام التي