الألمانية ولا تجارة الولايات المتحدة. نمت تجارة أميركا ٨٥ في المئة وألمانيا ٨٤ في المئة وفرنسا ٥٠ وإنكلترا ٤٠ أما إيطاليا فقد زادت ٩٩ في المئة. ومدينة ميلان معهد المقدمين من الماليين كما هي معهد دعاة الاشتراكية المتحمسين ولكنهم يراعون النظام في حركاتهم ومطالبهم وما قط أهرقوا دماً حراماً واغتصبوا مالاً حراماً فالاشتراكيون على جرأتهم والماليون كذلك ويكفي أن مدينتي تورين وميلان قد أقدمتا على صنع السيارات (الأتومبيل) قبل فرنسا وربحتا أرباحاً طائلة.
وبعد فإن إيطاليا مخصبة برجالها كما هي مخصبة بالأعمال والواردات ومعدل نفوسها أكثر من ألمانيا ففي كل كيلو متر من بلادها ١١٧ ساكناً على حين لا يوجد في كل كيلو متر من ألمانيا سوى ١٠٤ أشخاص. وينسب الاجتماعيون نفوس الشعب الإيطالي المتزايد لاعتياد البكور في الزواج فقد تجد عروساً في الخامسة عشرة من عمرها وأمَّاً في السادسة عشرة في كل خطورة تسيرها في البلاد يغلب على العامل الإيطالي القناعة والعمل والاقتصاد وهو مولع بحب الأسرة فإذا ابتعد عنها فإنما يبتعد ليكون عوناً لها ولا يغادر المهاجر الإيطالي بيته إلا ليوطد دعائمه وهو أبداً يحلم بالعودة إليه.
العامل الإيطالي مثال القناعة والتوفير والصبر أعطه من الأجر ما يموت مثله العامل الإنكليزي. وتراه مع ذلك وتراه مع ذلك يقتصد من أجرته جانباً في صندوق التوفير نعم إن أجرة اليد العاملة في إيطاليا رخيصة ولكن الوقود فيها قليل فتكاد لا تجد في تلك البلاد الخصبة فحماً حجرياً وليست ميناء جين دون مرسيليا بتجارتها فإذا كانت مارسيليا ثغر فرنسا تدخلها البضائع تنقل منها إلى غيرها فإن جين مصرف مهم لداخلية إيطاليا فقد وقف عليها سنة ١٩١٠ - ١٣ ألف سفينة في حين وقف على مارسيليا ١٧ ألفاً وكان حظ جين سبعة ملايين طن من البضائع وحظ مارسيليا ثمانية واعتصاب العملة غير مألوف كما هو مألوف في مارسيليا لأن العملة يعرفون أن مصلحتهم مرتبطة بمصلحة معلميهم ولذلك يحلون بينهم كل إشكال يقع بالحسنى.
قال ولقد أوشكت إيطاليا أن تموت مرتين وما لاقته من الشدائد لا يخلو من عبرة فقد ماتت للمرة الأولى عندما داهمها برابرة الشمال وجعلوا أعزة أهلها أذلة وذلك لأنها نقضت عهد وطنيتها وأفسدت أخلاق ساكنيها وأهملت زراعتها وأضعفت جيشها فأعادت البابوية الحياة