وفي كل مدرسة أوقات معينة للتعاليم الأدبية وهي لا تدرس في المعاهد الابتدائية والوسطى بل تتعداها إلى المدارس العليا والتجارية والفنية والطبية وغيرها والغاية من هذا التعليم صقل نفس الطفل وطبعه على المبادئ القويمة ويعلقون عليه شأناً جليلاً فيقولون أن ارتقاء مملكتهم وانحطاطها منوطان به إذ لهم ديانة يتأدبون بآدابها.
وعند اليابانيين سنة يدعونها سنة القربان أو البوشيدو وقد ذكرت فيها آداب هؤلاء وما يجب أن يتحلوا به من الفضائل وفي مقدمتها الإخلاص للإمبراطور وطاعته وفداء النفس من أجل الحاكم والشجاعة والإقدام ويجب عليه أن لا يعرف في حياته الخوف وأن يكون أبداً على أهبة الموت في قتال خصم من أكفائه وأن يجمع بين الصلابة والحزم والجود والسخاء فيحمي الضعفاء ويجير المساكين ويستقيم في أموره وقد خسرت البوشيدو مظهرها القديم ولكنها اكتسبت شكلاً جديداً في نفوس الشعب.
على أن التعليم الأدبي تعترضه عقبات كؤود أهمها إنفاق جل وقت الطالب في دراسته وتحصيله وتخير الأساتذة الكفاة ممن يصح اتخاذهم قدوة في الفضائل الخلقية وكثرة التبدلات في حياة اليابان الاجتماعية بانتشار المبادئ الغربية وتأصلها.
وإذا كانت اليابان قد اقتبست أصول العلوم الحديثة والفنون عن بلاد الغرب فإن التعاليم الأدبية لم تتصل بها عن ذلك الوقت وإنما هي تركة الأسلاف والأجيال القديمة يحرص اليابانيون عليها اشد الحرص ويحفظونها خالصة من شوائب الفساد علماً منهم أن مستقبل مملكتهم معقود بها.
التعليم الأهلي
ألقى في نادي المدارس العليا بمصر أحمد أفندي فهمي القطان أستاذ التربية بمدرسة المعلمين الخديوية خطاباً قال فيه:
مهما أطنبنا في شرح حسنات القرن التاسع عشر فإننا لا نشك لحظة واحدة في أن نظامات التعليم التي أوجدها ستكون إما سببا في سعادة عيش الجيل القادم ورغده أو أنها ستجلب عليه المصائب والحسرات. كان يلتفت في العصور المختلفة في البلاد المتمدنة بنوع خاص لتربية الأفراد الذين يحكمون البلاد ويديرون شؤونها في المستقبل وكان هؤلاء في العادة من نسل الحكام والأشراف وقد تكرم بعض الغيورين من وقت لآخر فسهلوا سبل التعليم