تكفُّ الموجَ وهو بها محيط ... نزاع النفس لاقتها شعوب
ومن عجب على الأمواه تطفو ... وبين ضلوعها أبداً وجيب
بلغت بها قرارة كل لج ... بعيد القعر لؤلؤهُ رطيب
هنالك شمت لألاَء اللآلي ... ولم تعبث برونقها الثقوب
وجزت به أقاصي كل ثغر ... تسيب به المخاوف ما تسيب
وظلت أجزّ لمة كل ليل ... له الولدان من هول تشيب
وأرضِ جزتها من بعد أرض ... سباسبها المريعة والسهوب
أعوج بحارها طوراً وطوراً ... أجوب من الموامي ما أجوب
إلى أن قادني أملي لمصر ... قياد الجامحات وهنّ لوب
وجاذبني إليها الشوق حتى ... سلست وراض مصعبي الجذيب
إذا بالنيل رقراق الحواشي ... قريب النيل جارفه عزيب
إذا ما سال سال بكل شعب ... وسالت في أباطحه الشعوب
كأن عليه من ذهب مذاب ... مزيج باللجين ولا مذيب
وما أحلى الجزيرة من محل ... ترفّ على جوانبه القلوب
تحفّ بها رياض طيبات ... يطيب بنشرها الأرج المطيب
عليها تصدح الورق ارتياحاً ... ويشدو في رباها العندليب
وألفيت البلاد طغت خمولاً ... ودب بأهلها الكسل الدبوب
وأسواق البطالة عامرات ... ووادي الموبقات بها عشيب
وفيها من سمات الخصب لفظ ... يفاه به ومعناه جدوب
وماءُ العز أدركه نضوب ... بها أو كاد يدركه النضوب
بقاصمة الفقار رمى قراها ... ولما يخطها الرامي المصيب
وهل أبقى لها إلا بقايا ... حشاً بليت كما بلي الشعيب
فلا ينفك ينهبها وكل ... بها من حيث لا يدري نهيب
فقمت مغاضباً شعباً فشعباً ... وكل جوارحي منها شعوب
أيا أهل الحمية كيف أضحى ... حماكم وهو من عزّ حريب