للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعشرين درجة قد هندست تحت الأرض ويقال لها الآن ساطوره وكان بها دير للنصارى ويقال أن في أساسها ثمانية آلاف عمود ولما ملك كسرى حلب بنى بها مواضع ولما فتحها أبو عبيدة في أيام عمر بن الخطاب (رض) رمم أسوارها لأنها خربت بسبب زلزلة كانت أصابتها قبل الفتح فاخر بت أسوار البلدة والقلعة. ولما استولى نقفور ملك الروم على حلب سنة ٣٥١ امتنعت عليه القلعة ولم يكن لها يومئذ سور محكم ومن ذلك الوقت اهتم الملوك بعمارة القلعة وتحصينها فبنى سيف الدولة وابنه سعيد الدولة وبنو مرداس وعماد الدين اق سنقر وابنه عماد الدين زنكي وابنه نور الدين محمود وابنه الملك الصالح ولما ملك الملك الظاهر غياث الدين غازي حصنها وحصنها وبنى بها مصنعا للماء ومخازن للغلات وبنى سفح تلها بالحجر الهرقلي واعلي بها إلى مكانه ألان وبنى على الباب برجين لم يبن مثلهما قط وجعل لها ثلاثة أبواب حديد ولما تسلم التاتار القلعة أخربها وأخرب أسوارها واخذ ما كان بها من الذخائر والزردخانات والمجانيق ولم يبقوا بها مكانا للسكنى واستمرت خرابا إلى أن جددت عمارتها في أيام الملك الاشرف خليل بن قلاوون ولما أتى التمرلنك أخرب أسوار البلد والقلعة واحرقها واستمرت خرابا إلى أن جاء الأمير سيف الدين حكم نائبا من قبل الملك الناصر فرج برقوق فأمر ببناء القلعة وألزم الناس بالعمل في الخندق وأزال التراب منه حتى انه عمل بنفسه واستعمل وجوه الناس بحيث كان الأمراء يحملون الأحجار على ظهورهم.

هذا أجمل تاريخ لهذه القلعة البديعة اكبر قلاع سورية واهما إلى القرن العاشر وما نظن العثمانيين جددوا فيها شيئا بعد إلى يومنا هذا وقد وصفها ابن جبير في رحلته فقال: ومن كمال خلالها المشترطة في حصانة القلاع أن الماء بها نابع وقد صنع عليه جبان فهما ينبعان ماء فلا تخاف الظمأ ابد الدهر والطعام يصير فيها الدهر كله وليس في شروط الحصانة أهم ولا أكد من هاتين الخلتين ويطيف بهذين الجبين سوران حصينان من الجانب الذي ينظر للبلد ويعترض دونهما خندق لا يكاد البصر يبلغ مدى عمقه والماء ينبع فيه وشان هذه القلعة في الحصانة أعظم من أن ننتهي لي أوصفة وسورها الأعلى كله أبراج منتظمة فيها العلا لي المنيفة والقصاب المشرفة قد تفتحت كلها طيقانا وكل برج منها مسكون وداخلها المساكن السلطانية والمنازل الرفيعة الملوكية.