ظلت المرأة المسلمة راضية بما قسم لها من مال زوجها بعد وفاته إلى أن استنارت بقيس من المعرفة فأنشأت تدرك بأن حظها هذا يسجل عليها بأنها دون الرجل في المنزلة. وإنا لنلاحظ اليوم أن الرجل المسلم في البلاد المتحضرة لا يتزوج بغير زوج واحدة وقلما كانت الزوج فيما مضى تقضي أوقاتها مع زوجها بل تبقى في خدرها ولا تخرج منه إلا محجبة مبرقعة ولا تزور غير النساء إذ لا يزورها غيرهن فتخلصت المرأة اليوم من هذه العادات وهذا الزوج مهما بلغ من تدينه يتسامح مع زوجه لتخرج لمقابلة الناس على الطريقة الأوربية.
وهذا مما أحدث في الرجل أيضاً أحسن تأثير لأنه بالاختلاط المتواصل مع المرأة في البيت أخذت أخلاقه تتدمث وعواطفه تلطف وترق واقتبست المرأة المسلمة بما عرفت به من الرقة المعهودة عن المرأة الأوربية - لما نزلت هذه بلاد الشرق مع زوجها الموظف - أساليب الانبساط والبهجة اللذين ما كان زوجها يجدهما من قبل إلا في البيوت الأوربية.
ومن الغريب أن تعدد الزوجات الذي كان في القديم خاصاً بالغني أصبح لعهدنا عادة من عادات الفقير لأن هذا يستخدمهن آلات ينتفع بها في أموره المعاشية فإذا كان له عدة زوجات يكن له بمثابة أجيرات يحرثن أرضه ويزرعن زرعه ويوفرن عليه ماله فلا يحتاج بهن إلى أيدي العامل والزارع.
لا جرم أن تعليم المرأة المسلمة سيكون من الدواعي الرئيسة في نشوء العنصر الإسلامي ويساعدها على ذلك فقدان الرئاسة الدينية عند المسلمين وخلاص المسلمة من التأثيرات السيئة التي ترجع بها القهقرى إذا تولى بعض أمرها أحد خدمة الدين.
وهنا نلم بالارتقاء الاقتصادي في المسلمين لأنه أحدث تغييراً في حالتهم. فقد ظلوا قروناً كثيرة بعيدين عن الحركة الاقتصادية محتفظين بتقاليدهم في متاجرهم فكان منهم لما رأوا تكاثر الأعمال المالية أن عقدوا الصلات التجارية مع غيرهم من الشعوب. وأي واسطة أحسن في قلب العادات القديمة من المراباة. فقد كان المسلمون لا يقولون بجمع رؤوس أموالهم وقلما كانوا يستدينون بالربا فأنشأوا اليوم يستدينون بالربا ولكنهم لا يدينونه فنجحت بذلك أعمالهم وأخذوا يملكون أموالاً طائلة اضطرتهم إلى استثمارها والمسلمون اليوم يتعاطون جميع أعمال المصارف والخصم. وإنك لترى الآن في مصر شركات عظيمة