تمشي عليها منذ البدء فقال له من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها وهذه الشريعة أو النظام أساس شرائع الجنس البشري وقوانينه فهي أولها. وكان لجماع الآباء الأولين والشعوب القديمة شرائع ونظامات وما فتئت نظامات هؤلاء الموسويين وشرائعهم مدونة في أسفار موسى كليم الله. وتلك الشعوب والأمم التي عاصرت الموسويين وجاءت بعدهم كالكلدانيين والآشوريين والفينيقيين والحثيين والمصريين والأدوميين والكنعانيين والعرب واليونان والرومان وغيرهم كان لهم شرائع ونظامات نقلها إلينا المؤرخون القدماء كهيرودتس اليوناني الذي ولد عام ٤٨٤ ق. م وزنفو الروماني الذي ولد نحو ٣٨٠ ق. م ويوسيفوس العبراني الذي ولد عام ٣٧ ق. م وغيرهم.
ولقد عني اليونانيون في أيامهم بالنظامات المدنية والشرائع الدولية. على أن الرومانيين نظموها وأتقنوها. ثم أخذت شعوب الأرض مبادئ نظامات الرومانيين وشرائعهم وفي مقدمتهم الأمة النابليونية. وزادوا عليها كثيراً وشرحوها شروحاً حسب مقتضيات المكان ومطالب الزمان.
ولا يزال معظم دول المعمور ساعياً إلى سن نظامات جديدة وشرائع مفيدة ومهتماً بتحسين قوانين بلاده وحكوماته. حتى أن الصين التي استولى الانحطاط عليها قروناً أفاقت من رقادها وبدأت بضبط نظاماتها وتحسين شرائعها وسنها على مثال شرائع العالم المتمدن.
وإرسال الصين البعثة المؤلفة من اثني عشر عضواً من كبار رجال الأمة الصينية ومتهذبيها في هذه الشهور الأخيرة إلى العالم الجديد وأوربا لدرس شرائع القارتين ونظاماتهما العصرية أكبر شاهد على نهضة هذه الأمة وأشهر دليل على شدة اهتمامها بنظامات بلادها وشرائع دولتها. فالنظامات المدنية والشرائع الدولية والقوانين العمرانية رافقت الإنسان منذ وجد الإنسان الأول إلى الآن. وهي ضرورية للدول ضرورة الهواء للإنسان. ولازمة للأمم والبلاد لزوم الماء للإنسان والحيوان والنبات.
وليست هذه النظامات من حاجات البشر ولا هي محصورة فيهم فقط بل هي من ضروريات كل ما نراه أمامنا ووراءنا وفوقنا وتحتنا من هذه الخليقة العجيبة أو هذا الوجود الذي لا يزال موضوع بحث الباحثين من علماء غربيين وشرقيين.
فلتلك الأمطار التي تهطل وتحيي الزرع والضرع والإنسان والحيوان والنبات نظامات وما