تحويلها أحياناً في البلاد الباردة إلى الثلج إلا من برودة الجو. وما المضار التي تأتي منها إلا منبعثة من تلك الطوارئ الخارجية التي هي سبب من أسباب تشويش نظامها الطبيعي.
لولا تلك الأهوية والرياح التي نظنها مضرة ما نمت الزروع والأشجار النمو المطلوب وما أتت بالأثمار والفوائد المنتظرة منها. فالرياح المعتدلة تقوي جذوع المغروسات والمزروعات ومتى تقوت جذوعها كثر نموها. والرياح تسبب اللقاح المعروف بلقاح المغروسات ومتى تم هذا الازدواج أو اللقاح أثمرت المغروسات. أما المضار الناشئة من الرياح الشديدة فهي من عوامل الطبيعة الخارجية. فاعتدال الرياح نظامها واختلال الرياح طوارئ خارجية تطرأ عليها فتشوش نظامها ويكون بذلك تشويش نظامها واختلاله.
وتلك الأشجار الزهراء التي تتضام بعضها إلى بعض عند تموجات الهواء وتلك الزروع الخضراء الني نشاهدها تتمايس وتتعانق وتلك الرياحين الجميلة التي تنفح عبيرها وتلك الأزاهير العطرية التي يعبق شذاها هي كلها ذات نظامات طبيعية وفي نموها وجمالها ورائحتها وثمرها وقائدتها أدلة على نظاماتها التي دونت في كتاب الطبيعة العظيم.
بل هذه القبة الزرقاء ونجومها وسياراتها وكواكبها كالشمس والقمر والثوابت وغيرها فإن لها نواميس طبيعية ونظامات سطرتها لها أنامل الطبيعة. ونواميس النور معروفة وهي أن النور ينبعث بالتساوي من الجسم المنير إلى الجهات كلها وأنه يسير في خطوط مستقيمة إذا اخترق وسطاً متجانس الأجزاء. وأن كثافته تنقص بقدر ما يزيد مربع بعده.
أما التشويش النظامي الذي يحدث للطبيعة بسبب الطوارئ الخارجية التي تطرأ عليها فهو بمقام الاختلال النظامي الذي يعرو الشعوب والدول فيفسدها ويلحق بها أضراراً فاحشة بل يسقطها من ذروة مجدها وقمة سعدها إلى حضيض الشقاء والدمار.
هذه بلاد السودان من إفريقية قد كانت قبل أن احتلتها بريطانيا العظمى مسرح الجهل ومجزر سفك الدماء وفي أقصى دركات التأخر والانحطاط والتوحش لأن النظام فيها كان معدوماً. أما اليوم فقد سنت الدولة الإنكليزية نظاماً للقطر السوداني على حسب مقتضيات العصر فساد الأمن في ربوعه وافتتحت مدارس التهذيب فأخذت تبدد غياهب الجهل من بلاده.
ولا يسع الواقف على تواريخ القدماء إلا التصريح بأن كل أمة حافظت على نظامها وكل