مغروساته ومستنبتاته ثم يعلم مبادئ الجغرافيا والطبيعيات والرياضيات بالعمل دون النظر ومنه يتطرق إلى النظريات.
كان يبلغنا من نجاح صغار الأولاد في القديم والحديث أمور كثيرة وها نحن رأينا اليوم صورة من صور الارتقاء المهم في تثقيف عقول الأطفال بحيث لا نغالي إذا قلنا أن صغار أبناء دار العلوم يعرفون من مبادئ الأشياء وحوادث الكون الصحيحة ما لا يعرف بمثله من الصحة والمكانة شيوخ هذا الزمان. والاستظهار لا حظ له في هذه الدار كما له في الكلية العثمانية وطريقة هذه أقرب إلى النواحي الإفرنسية وطريقة تلك إلى الطرق الإنكليزية السكسونية.
لم نر في دار العلوم أسماء الخطط الكثيرة والمواد المنوعة التي تورد في برامج التدريس من قبيل الإعلان عن المدرسة وتنوع فنونها عادة بل وجدنا فيها العمل أكثر من القول والتأني رائد العمل والإخلاص لحمته وسداه رأينا فيها القليل رأينا فيها القليل الملقن والقليل من المسائل مع النظر البليغ فيها أفضل من حشو الذهن بالمواد النظرية ولو اقتصر من تعليم اللغات عَلَى العربية والتركية والإنكليزية أو الإفرنسية فيها لانطبقت عليها هذه النظرية كل الانطباق وذلك لأن اللغة العربية لغة البلاد والدين والتركية لغة السياسة والدولة ولغة واحدة من لغات أوربا تكفي فيما نحسب اللهم إذا جعل تعليم أكثر من لغة اختياراً وإلا فالعمر يضيق عن درس اللغات وإتقانها واللغات آلة لا غاية.
مدرسة دار العلوم الخارجية والسعي لها متواصل لابتياع أرض لها واسعة تقام عليها بناية المدرسة ومما أعجبني فيها فتاتان مسلمتان تتعلمان بجانب الفتيان وبهما وبما رأيته من نجاحهما ذكرت طريقة الأميركان في التربية المشتركة فعسى أن تكون الفتاتان مقدمة لهذه الطريقة التي ثبت غناؤها في ديار الغرب فيذكرنا بما كان من دروس المحدثات والقارئات في عصور ارتقاء المسلمين في المساجد والجوامع وإنا لنرجو أن يزيد عدد طالبيها بمرور الزمن وعددهم الآن ١٧٠ طالباً يتخرجون عَلَى أدب النفس وأدب الدرس.
ربما يتبادر للذهن شيء من قصور معنى الكلية الإسلامية وليس أحسن في الجواب عَلَى ذلك من نقل ما تقوله هذه الدار عن نفسها في بيانها السنوي سنة ١٢٢٣ - ١٩١١ قالت:
نعني بالكلية العثمانية الإسلامية معهداً علمياً راقياً يدرس جميع العلوم والفنون التي تخول