في الكلية العثمانية اليوم ٣٠ أستاذاً فيهم العربي والتركي والإفرنجي و٣٠ موظفاً في أعمالها المختلفة وتقسم مدة التعليم فيها إلى ثلاثة أقسام القسم الابتدائي ومدته سنتان والقسم الاستعدادي ومدته أربع سنين والقسم العلمي ومدته أربع سنين أيضاً وفيها قسم للصغار من سن الخامسة إلى العاشرة يبلغ عددهم ٣ طفلاً تقوم عَلَى تربيتهم معلمة مسيحية ومربية (قهرمانة) أخرى تنام معهم وتعنى بشؤونهم كما تعنى الأم بشؤون أطفالها.
ينال المتخرجون من هذه الديار شهادة تعادل شهادة البكلوريا في المدارس الأخرى العالية وأهم ما يتعلم فيها من المعارف والعلوم واللغات وتعليم النافع من الآداب الدينية العالية وإعداد أذهان المتعلمين إلى قبول النور الجديد ممزوجاً بالنور القديم وتخريجهم في مضمار الارتقاء.
وفي بيروت مدرسة ثانية ناجحة نشأت منذ ثلاث سنين لهمة رجل هندي محمد عبد الجبار أفندي خيري وهو رجل درس في كلية عليكر الإسلامية ثم جاءَ بيروت وتخرج في كلية الأميركان حتى أحزر هو وشقيقه محمد عبد الستار أفندي خيري شهادة معلم في العلوم فحدثتهما نفسهما أن يخدما هذه البلاد خصوصاً بعد أن درسا أحوال مرسلي الأميركان واطلعا عَلَى مقاصدهم وقام في ذهنهما أن يبشرا بالإسلام كما يبشر أولئك بالنصرانية فأنشآ هذه المدرسة بمعاضدة فئة فاضلة من شبان بيروت وتجارها فقاما بعملهما وإنكار النفس مبدأهما والغيرة الدينية دافعتهما وقد تشبعا بتعاليم الغربيين ولاسيما السكسونيين وعرفا بالخبر والخبر كيف تنجح الأعمال وتنضج وأي الأساليب أولى بالإتباع في التعليم.
يدهش المرء من تقلل هذين الأستاذين ومن تقشفهما وصبرهما واستنارة عقلهما وتوقد الذهن والغيرة في نفسهما ويعجب أكثر إذا رأى الرئيس أحدهما يرحل في السنة الماضية إلى أوربا يدرس في فرنسا وإيطاليا وسويسرا وألمانيا وإنكلترا طرق التعليم في مدارسها وكلياتها ويؤوب إلى هذا الثغر المسعود بخدمة المهاجرين إليه يطبق فيه عَلَى الطريقة الإسلامية ما يلائمنا من أوضاع الغرب.
لا أعلم مدرسة إسلامية في سورية تعلم صغار الطلبة المبادئ العلمية بالعمل مثل دار العلوم فطريقتها في تعليمهم طريقة السكسونيين في حدائق الأطفال (كندر جاردين) تترك التلميذ يختار له بقعة من حديقة المدرسة يحرثها ويزرعها ويسقيها بنفسه وينظر فيما يلائم