تتمكن من الاستيلاء عَلَى ما تحب من الأراضي كما يفعل الرومانيون في البلاد التي يفتحونها وينزعون من المالكين ويستعمرونها بأبنائهم غالباً والرومانيون أجداد الإيطاليون الأول وإلى اليوم لم تربح حكومة فرنسا من الجزائر بل هي تخسر عليها.
فهل يعقل أن تتحقق أماني إيطاليا في طرابلس والخصب فيها في أماكن معينة وعي ملك لأهلها ولطالما دافعوا عنها دفاعهم اليوم من اعتداء الفاتحين وطردوهم من عقر دارهم. فإذا كانت إيطاليا تقصد الإثراء ونفع أبنائها فهذه الطريقة من أعقم ما لجأت إليه دولة مستعمرة من دول المدنية الحديثة فإن ثروة الناس لا تزيد باتساع ممالكهم فالصيني ليس أغنى من الفرنسوي مع أن سكان الصين عشرة أضعاف سكان فرنسا والألماني ليس أغنى من البلجيكي من أن سكان ألمانيا عشرة أضعاف سكان بلجكا وقد تضيق أرض بسكانها حتى يقل الرزق عليهم فيها فتضطر حكوماتهم أن تمتلك بلاداً أخرى كثيرة الخيرات قليلة السكان حتى تسهل عَلَى الفاضل من أهاليها المهاجرة إلى تلك البلاد والارتزاق فيها كما فعلت إنكلترا وهولاندا وجرت فرنسا وألمانيا مجراهما. ولكن إيطاليا لم تعمر كل بلادها حتى الآن فليس بها حاجة إلى فتح بلدان أخرى وتعميرها للارتزاق منها فإن عندها جزيرة سردينيا مساحتها أكثر من ٩٣٠٠ ميل مربع وليس فيها من السكان سوى ٨١٠٠٠٠ نفس مع أن صقليا تماثلها مساحة وسكانها أكثر من ثلاثة ملايين ونصف وعندها مستعمرة ارتريا في أفريقية عَلَى حدود السودان ومساحتها ٤٥٨٠٠ ميل مربع أي نحو نصف مساحة إيطاليا كلها وهي من أغنى بلاد الدنيا بالمناجم والحراج وليس فيها من السكان نصف مليون نفس وعندها بلاد الصومال ومساحتها نحو ١٤٠٠٠٠ ميل مربع أي أكثر من مساحة إيطاليا بنحو ثلاثين في المئة وسكانها نحو ٤٠٠٠٠٠ نفس وهي بلاد زراعية كثيرة الخيرات فعَلَى م لا يهاجر الإيطاليون إلى هذين البلادين ويعمرونها إن كانت بلادهم قد ضاقت عليهم.
وهب أن إيطاليا اهتمت بإصلاح طرابلس الغرب واستثمار خيراتها فهي إما أن تستأثر بذلك لتنحصر الفائدة فيها وفي سكان طرابلس فتكون قد جرت مجرى إسبانيا والبرتغال في استعمارهما فتفشل فشلهما لأنهما فشلتا فشلاً تاماً في كل البلدان التي امتلكتاها وحاولتا استعمارها ومنعتا غيرهما من مشاركتهما في النفع وأما أن تجري مجرى إنكلترا وهو فتح