وتنبه من غفلتك وما نحا هذا النحو فكان هذا من جملة ما هاجه وأوغر صدره عليهم وكان أشد الناس عليه في أمر هذه الفتنة الفقهاء وهم الذين كانوا يحرضون العامة ويشجعونهم إلى أن كان من أمرهم ما كان).
يقسم المعجب إلى قسمين طبيعيين ينتهي الأول بقيام محمد بن تومرت صاحب دولة الموحدين وينتهي القسم الثاني بسنة ٦٢١ ففي القسم الأول خلا التاريخ السياسي تراجم كثير من أهل السياسة والعلم والأدب. وتراجم المشاهير هي في الحقيقة تاريخ السياسة. فممن ذكرهم من أهل العلم أبو محمد بن حزم وأورد له قطعة من شعره ومما قاله في رجل تمام
أتمُّ من المرآة في كل ما درى ... وأقطع بين الناس من قضب الهند
كأن المنايا والزمان تعلماً ... تحيله في القطع بين ذوي الود
وذكر ابن عبدون وابن وهبون القائل
قلَّ الوفاءُ فما تلقاهُ في أحد ... ولا يمر لمخلوق على بال
وصار عندهم عنقاءُ مغربة ... أو مثل ما حدثوا عن ألف مثقال
وترجم ابن زيدون وابن عمار وقد أورد له من قصيدة بيتاً لم يسمع لمتقدم ولا لمتأخر بمثله وهو
السيف أفصح من زياد خطبة ... في الحرب إن كانت يمينك منبراً
وألمَّ بذكر ابن اللبانة الذي أكثر من رثاء المعتمد على الله وقد حبسه صاحب مراكش باغمات واستلب منه ملكه وقتل ولده
ومما قاله ابن اللبانة في المعتمد
والدهر في صبغة الحرباء منغمس ... ألوان حالاته فيها استحالات
ونحن من لعب الشطرنج في يده ... وربما قمرت بالبيدق الشاة
وأطال المؤلف في ترجمة ابن عمار وأجاد لأنها دالة على حالة سياسية وقد يورد من الأشعار أرقها وأعذبها ويعتذر بأنه خالف الغرض الذي فرضه على نفسه من الاختصار كل مرة بأسلوب. ولابن عمار لما حبسه المعتمد (قصائد لو توسل بها إلى الدهر لنزع عن جوره أو إلى الفلك لكف عن دوره فكانت رقىً لم تنجع ودعوات لم تسمع وتمائم لم تنفق)