دقت معاني الحب عن إفهامهم ... فتأولوه أقبح التأويل
في أي حاجة أصون معذبي ... سلمت من التعذيب والتنكيل
إن قلت في عيني فثم مدامعي ... أو قلت في قلبي فثم غليلي
ومما ارتجله أبو عمر في بعض مجالسه
أجد الكلام إذا نطقت فإنما ... عقلُ الفتى في لفظه المسموع
كالمرءِ يختبر الإناَء بصوته ... فيرى الصحيح به من المصدوع
ولما ملك أمير المسلمين يوسف جزيرة الأندلس وكان صاحب المغرب الأقصى وضخم سلطانه واستحق اسم السلطنة وتسمى هو وأصحابه بالمرابطين وانقطع إليه (من الجزيرة من أهل كل علم فحوله حتى أشبهت حضرته حضرة بني العباس في صدر دولتهم واجتمع له ولابنه من أعيان الكتاب وفرسان البلاغة ما لم يتفق اجتماعه في عصر من الأعصار فممن كتب لأمير المسلمين كاتب المعتمد على الله أبو بكر المعروف بابن القصيرة)(كان على طريقة قدماء الكتاب من إتيان جزل الألفاظ وصحيح المعاني من غير التفات إلى الأسجاع التي أخذها متأخر والكتاب اللهم إلا ما جاء في رسائله من ذلك عفواً من غير استدعاء) وذكر غيره مثل ابن عبدون وأورد له بعض رسائله التي كتبها عنه وهي مسجعة منمقة كما كان أورد له طرفاً صالحاً من شعره. قال ولم يزل حال أمير المسلمين من أول إمارته يستدعي أعيان الكتاب من جزيرة الأندلس وصرف عنايته إلى ذلك حتى اجتمع له منهم ما لم يجتمع لملك كأبي القاسم بن الجد المعروف بأن القبطرنة وأبي عبد الله محمد بن أبي الخصال وأخيه أبي مروان وأبي محمد عبد المجيد بن عبدون المذكور آنفاً في جماعة يكثر ذكرهم وكان من أنبههم عنده وأكبرهم مكانة لديه أبو عبد الله محمد بن أبي الخصال) وهنا نقل المؤلف شيئاً من رسائل هذا وبها انتهى القسم الأول باختلال أحوال المرابطين واستبدادهم بالأمر حتى خرج عنهم.
يبتدئ القسم الثاني من هذا الكتاب بقيام محمد بن تومرت الذي قام بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سنة ٥١٥ وادعى المهدوية ولحقه جماعة في بلاد المغرب وأسس دولة المصامدة في الأندلس بممالأة عبد المؤمن بن علي. أفاض المؤلف في ترجمة هذا المهدي فكشف الغطاء عن حقيقته ولا عجب فإن ابن تومرت من أعاجيب الخلق ورجال العلم ثم