المذمومون الممقوتون بل هم أذل (السكويزي) الروسيين الذين يخصون أنفسهم لاعتقاد ديني أما الأولون فيخصون أنفسهم عقلياً طمعاً بمال أو بما يوازيه. . حقاً إننا لا نجد كلمة تقوم بوصف هذا الانحطاط الأخلاقي.
ومن حسن حظ الإنسانية وشرفها أن أولئك الأنذال هم الأقلون. إذ الأكثرية تتمسك بلغتها وتذب عن جنسيتها كما تذب عن حياتها. إن للشعب المتسلط أن يشرع قانوناً يجعل به لغته لغة الدول ويسقط لغة المغلوبين عَلَى أمرهم حتى تصبح خليطاً عامياً للسوقة لا يدخل المدارس ولا الكنائس ولا المحاكم ولا المجالس. فإن كانت هذه اللغة راقية أو منتشرة في بلاد أخرى، ذات أدبيات وحظ واف في التعبير عن مظاهر الفكر سواء في السياسة أو في العلم فإنها لن تخضع لهذا العار. إذ تصبح الجنسية المضطهدة عدوة الشعب المضطهد تعض كغه الذي يحاول أن يكمها به وتصيح مستصرخة تريد التكلم الذي يأباه عليه غاصبها وبعد اليأس تحاول أن تهدم بنياناً سياسياً كان سجنها عوضاً عن أن يكون ملجأها.
قال أحد الهزليين الفرنسيس: لا وسيلة في الدنيا تقنع رجلاً تام العقل باون يسلمك رأسه لتخز بالمصقلة (الغيلوتين) ونحن نقول بانه لا شريعة في الدنيا تقوى عَلَى إقناع أو إرغام شعب راق يشعر بوجوده أن يتنزل عن لغته وعبقريته. والدولة المؤلفة من جنسيات شتى لا بدأن تقع في منازعات وحروب داخلية لا تستأصل إلا بوسائل راديكالية أي إصلاحية مطلقة أهمها (اللامركزية) المطلقة بأوسع معانيها. لكنها ويا للأسف لم تخرج عن نظرية معقولة تخيلها بعض الساسة ولا يمكن تطبيقها عَلَى مجرى الأحوال. وليتصور القارئ إلى أي درجة يجب أن تصل اللامركزية، لكي ترضي جميع الجنسيات في دولة واحدة ويلزمنا أن نعرض لكل فرد الحق بتقلد الوظائف العامة في جميعه جهات الوطن وأن يشترك في الحقوق المسماة (بحقوق الإنسان وحقوق الوطني) دون أن يضطر إلى استعمال لغة غير لغة آبائه وأجداده فيجب والحالة هذه أن تستعمل في المصالح الإدارية - من مكتب البريد في القرية إلى النظارة - والعدلية - من قاضي الصلح إلى محكمة التمييز - جميع اللغات المتكلم بها في تلك الدولة وهكذا يجب استعمال جميع هذه اللغات في المجالس النيابية - سواء في ذلك القرى والأقضية والولايات - كما يجب أيضاً تأسيس مدارس ابتدائية وثانوية وعالية لكل شعب وبالاختصار ألا يضطر أحد لتعلم لغة غير لغته لنيل ما يناله