للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقع لهذه الكتب من يلخصها ويقرب أغراضها بعد أن يفهمها فهماً جيداً لقرب مأخذها على الناس فأن كان فيك فضل قوة لذلك فافعل وإني لأرجو أن تفي به لما أعلمه من جودة ذهنك وصفاء قريحتك وقوة نزوعك إلى الصناعة وما يمنعني من ذلك إلا ما تعلمه من كبر سني واشتغالي بالخدمة وصرف عنايتي إلى ما هو أهم عندي منه قال أبو الوليد فكان هذا الذي حملني على تلخيص ما لخصته من كتب الحكيم أرسطوطاليس وابن الطفيل هو صاحب رسالة حي بن يقظان في أسرار الحكمة المشرقية التي استخلصها من كلام الرئيس أبي علي بن سينا.

وختم المؤلف ترجمة أبي يعقوب بقوله وهو شاهد على انطلاق في الفكر: (وفي الجملة لم يكن في بني عبد المؤمن في من تقدم منهم وتأخر ملك بالحقيقة غير أبي يعقوب هذا) ومما دل على حرية خاطره ما وقع له مع أستاذه أبي جعفر الحميري علم الأندلس في الآداب والعلم وقد نظم بيتين استحسنها وقال لابنه هذا والله الشعر لا ما تصدعني به طول نهارك فما كان من ابن أستاذه إلا أن عمل بيتين أخذ معنى بيتي المؤلف وأعدمهما رونقهما ومسخهما جملة قلما تلاها الحميري على تلميذه استحسنهما فقال: هذا والله أحسن من شعري فتغير له وقال: (يا بني دع عنك هذه العادة فإن أسوأ ما تخلق به الإنسان الملق وتزيين الباطل سيما إذا أصاف إلى ذلك الحلف الكاذب والله إنك لتعلم أن هذا ليس بشيءٍ وإلا فقد اختل ميزك وساء اختيارك وما أظن هذا هكذا).

وكتب المؤلف ثلاثاً وثلاثين صفحة في ترجمة أمير المؤمنين أبي يوسف وكان يخالف من تقدمه في مشربه تداخل في عقائد الناس وألزمهم بعقيدته وطلق الحرية بتاتاً واضطر اليهود أن يلبسوا ثياباً غير ثيابهم تمييزاً لهم وإهانة والغالب أن سوق الشعر لم ترج في أيامه كل الرواج كما كانت في أيام غيره من الملوك وكانت كلها حروباً وفتناً وسفكاً وبطشاً وعمارة قصر وأحياء مدينة.

ومما رواه حيلة لطيفة احتالها ابن عمار رجل الجزيرة على ملك الاسبانيول الأدفنش عندما خرج في جيوش ضخمة يقصد بلاد المعتمد طامعاً فيها (وذلك أنه أقام سفرة شطرنج في غاية الإتقان والإبداع لم يكن عند ملك مثلها جعل صورها في غاية الإتقان أظهرها بحيث بلغ أمرها ملك الأسبان وكان مولعاً بالشطرنج وكان ابن عمار طبقة عالية فيه فأراده الملك