اعتادت رصيفتنا مجلة العالم الإسلامي الفرنسوية أن تصدر الحين بعد الآخر جزءاً كبيراً من أجزائها الشهرية تخوصه بموضوع خاص من الموضوعات التي تخوض عبابها وقد نشرت في تشرين الثاني مبحثاً في ٣٢٧ صفحة تحت عنوان فتح البلاد الإسلامية توسعت فيه عمل البعثات الإنجيلية والسكسونية والجرمانية في بلاد الشرق فقدم له صديقنا المسيو لشاتليه مدير تلك المجلة وأستاذ عَلَى الاجتماع الإسلامي في كوليج دي فرانس بباريز مقدمة أبان فيها أن الإسلام ينهزم أمام تعاليم تلك المدارس التي يرى بعض القائمين بها أن كثيراً من المسلمين دانوا بالنصرانية لكثرة ما تلقنهم إياه تلك المدارس الإنجيلية ويرى المسيو لشاتليه أن المسلمين لا يدينون بدين آخر بل تتزعزع عقائدهم بما يلقنونه من الأفكار التي تصحب اللغات الأوربية وذلك بواسطة اللغة الإنكليزية والألمانية والهولاندية والإفرنسية فتجعل تلك البعثات احتكاكاًَ بين الإسلام والصحافة الأوربية وتسهل النجاح المادي في العالم الإسلامي وهكذا تصل تلك البعثات إلى العبث بالفكر الديني الذي كان قوته بعزلته. ثم قال أن تقسيم الإسلام (أي بلاد الإسلام) السياسي سيظهر في أتم مظاهره ويسهل أعمال التمدين الأوربي عَلَى أن الإسلام يزول سياسياً ولن تكون حاله إلا حال مدنية باقية في وسط التغلب الغربي ولا سبيل إلى نشل الدولة العلية بعد أن ضل أحرار العثمانيين سبيل إنهاضها إلا بتأليف ولايات متحدة إسلامية وإلا فإن تقسيم البلاد لا مناص منه. وبعد أن أفاض في أوضاع جمعيات التبشير وأعمالها العلمية والخيرية والدينية في بلاد لمسلمين وما تعده من الأسباب للقضاء عَلَى الإسلام قال الناشر في النتيجة: كان يرجى غداة الانقلاب العثماني أن يكون للإسلام دور نهضة اجتماعية ولكن زعماء حزب الإتحاد والترقي نسوا برنامجهم عندما استلموا زمام الأمر فدعت الغلاط التي ارتكبت في الآستانة وسلافيك وطهران وطوريس إلى أن تعرف أوربا أن دور السياسة انتهى وجاء دور العمل. إن هذه الكتلة البشرية الموزعة في آسيا وأفريقية من بحار الصين إلى المحيط الأتلانتيكي ستفقد موازنتها التقليدية بزوال الخلافة (والعياذ بالله) عما قريب وانقصام عرى الممالك المستقلة فماذا يكون والحال هذه مصير المدنية الإسلامية إذا نظرنا إليها بأنها جزء من المجتمعات البشرية وإلى أي وجهة يتجه نشوء الإسلام؟ إننا بما نراه من كثرة انتشار