بيروت ثم اقتسموا البلاد بينهم ولرعمسيس اثر عَلَى صخر عند مدخل وادي نهر الكلب. وهكذا ظلت البلاد تحت حكم المصريين والحثيين إلى أن قامت دولة آشور وقد وضع بختنصر (نبوخذ نصر) تاريخ هذه الحملة أيضاً عند نهر الكلب ويرجع تاريخها إلى القرن التاسع قبل المسيح ولما قامت دولة الفرس أخذت بيروت كما أخذ أخوتها من مدن سورية ولكنها لم تذكر في التاريخ كما ذكرت صيدا وغيرها. وامتلك بيروت الاسكندر الكبير كما امتلك سائر مدن سورية بدون مقاومة إلا مدينة عكا. وقد حكم سورية بعد الاسكندر البطالسة وفي سنة ١٩٢ احتل السلوقيون سورية وفي سنة ١٤٠ قبل المسيح خربت بيروت بسبب حرب أهلية وفي سنة ٦٤ احتل الرومانيون سورية وكان القائد عَلَى حملتهم بومبي. وأضحت بيروت في أيام أغسطس مستعمرة رومانية. والمستعمرات الرومانية كانت تؤسس في إيطاليا لإسكان العساكر الرومانيين الذين خدموا الرومان خدمة تذكر ولما اتسع ملك الرومان لم يبق أرض لإسكان هؤلاء العساكر فأخذوا يسكنونهم في أملاكهم خارج إيطاليا. ثم أصبحت بيروت مركز الفيلق الخامس والثامن من الجيش الروماني وعمرت بيروت عَلَى عهد الرومانيين وآثارهم فيها موجودة بكثرة. ولما أتيت بيروت رأيت كثيراً من العمدة القديمة عند إدارة الرسومات وقد ردمت هذه الأعمدة عندما بنيت الميناء الجديدة ولما قطعوا الطريق الجديدة في بيروت وجد كثير من الآثار الرومانية وقد أسس الرومان في بيروت مدرسة لدراسة الحقوق وسائر العلوم المعروفة في ذلك العصر وبجانب هذه المدرسة أهم مدارس الرومانيين في الشرق وعندما انتشرت المسيحية تنصر كثير من تلامذة هذه المدرسة وكانوا عرضة للاضطهاد وعند ظهور الإسلام احتل المسلمون سورية وخضعت بيروت لهم في خلافة يزيد. وبعد قطرن من خضوعها ظهر في بيروت الإمام الأوزاعي ويقول أبو الفدا أن مولده كان في بعلبك ومات قرب بيروت وأظن أن المقام المعروف بالأوزاعي الآن هو قبره ولما تراجعت قوة الأمويين وانتشرت سلطة الفاطميين خضعت بيروت لهم وذلك في خلافة الحاكم بأمر الله مؤسس الديانة الدرزية وكانت بيروت في عهد الصليبيين تختلف بين حكم المسلمين والإفرنج. وخربت بيروت الزلزال سنة ٥٥٠ م وسنة ١٥١١ أخذها السلطان سليم العثماني مع باقي مدن سورية ومنذ ذلك الحين لا تزال مدينة عثمانية اهـ.