طوائف من الشيعة أعني الإمامية والإسماعيلية والزيدية هم رؤوس فرقهم.
قال ابن حزم اتفقت الأمة كلها عَلَى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا خلاف من أحد منهم لقول الله تعالى ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ثم اختلفوا ثم اختلفوا في كيفيته فذهب بعض أهل السنة من القدماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم إلى أن الغرض من ذلك إنما هو في القلب فقط أو باللسان إن قدر عَلَى ذلك ولا يكون باليد ولا بسل السيوف ووضع السلاح أصلاً وبهذا قالت الروافض كلهم ولو قتلوا كلهم إلا أنها لم تر ذلك ما لم يخرج الناطق فإذا خرج وجب سل السيوف حينئذ معه وإلا فلا واقتدى أهل السنة بعثمان وغيره من الصحابة وبمن رأى لقعود منهم إلا أن جميع القائلين بهذه المقالة من أهل السنة إنما رأو ذلك ما لم يكن عدلاً فإن كان عدلاً وقام عليه فاسق وجب عندهم بلا خلاف سل السيوف مع الإمام العادل. وذهبت طوائف من أهل السنة وجميع الخوارج والزيدية إلى أن سل السيوف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب إذا لم يكن دفع المنكر إلا بذلك قالوا فإذا كان أهل الحق في عصابة يمكنهم الدفع ولا يبأسون من الظفر ففرض عليهم.
وبعد فإن شيعة علي رضي الله تعالى عنه زيدي ورافضي وبقيتهم بدد لا نظام لهم قالت علماء الزيدية وجدنا الفضل في الفعل دون غيره ووجدنا الفعل كله في أربعة أقسام أولها القدم في الإسلام حين لا رغبة ولا رهبة إلا من الله تعالى وإليه ثم الزهد في الدنيا فإن أزهد الناس في الناس أرغبهم في الآخرة وآمنهم عَلَى نفائس الأموال وعقائل النساء وإراقة الدماء ثم الفقه الذي يعرف به الناس مصالح دنياهم ومراشد دينهم ثم المشي في السيف كفاحاً في الذب عن الإسلام وتأسيس الدين وقتل عدوه وإحياء وليه فليس فوق بذل المهجة واستغراق القوة غاية يطلبها طالب أو يرتجيها راغب ولم نجد قولاً خامساً فتذكره فلما رأينا هذه الخصال مجتمعة في رجل دون الناس كلهم وجب علينا تفضيله عليهم وتقديمه دونهم. وذاك إنا سألنا العلماء والفقهاء وأصحاب الأخبار وحمال الاثار عن أول الناس إسلاماً فقال فريق منهم من هذه علي وقال قوم زيد بن حارثة وقال قوم خباب ولم نجد قول كل واحد منهم من هذه الفرق قاطعاً لعذر صاحبه ولا ناقلاً عن مذهبه وإن كانت الرواية في تقديم علي أشهر واللفظ به أكثر وكذلك إذا سألناهم عن الذابين في الإسلام والماشي إلى الأقران