في بسيوفهم وجدناهم مختلفين فمن قائل يقول علي رضي الله تعالى عنه ومن قائل يقول ابن عفراء ومن قائل يقول محمد بن مسلمة ومن قائل يقول طلحة ومن وقائل يقول البراء بن مالك عَلَى أن لعلي من قتل الأقران ما ليس فيهم فلا اقل من أن يكون علي في طبقتهم وإن سألناهم عن الفقهاء والعلماء رأيناهم يعدون علياً ممن كان أفقههم لأنه كان يُسأل ولا يسأل ويفتي ولا يستفتي ويُحتاج إليه ولا يحتاج إليهم ولكن لا أقل من أن نجعله في طبقتهم وكأحدهم وإن سألناهم عن أهل الزهادة وأصحاب التقشف والمعروفين برفض الدنيا وخلعها والزهد فيها قالوا علي وأبو الدرداء ومعاذ بن جبل وأبو ذر وعمار وبلال وعثمان بن مظعون عَلَى أن علياً أزهدهم لأنه شاركهم في خشونة الملبس وخشونة المأكل والرضا باليسر والتبلغ بالحقير وظلف النفس ومخالفة الشهوات وفارقهم بان ملك بيوت الأموال ورقاب العرب والعجم فكان ينضج بيوت المال في كل جمعة ويصلي فيه ركعتين ورقع سراويله ما فضل من ردائه عن أطراف أصابعه بالشفرة في أمور كثيرة مع أن زهده أفضل من زهدهم لأنه أعلم منهم وعبادة العالم ليست كعبادة غيره كما أن زلته ليست كزلة غيره فلا اقل من أن نعده في طبقتهم ولا نجدهم ذكروا لأبي الدرداء وأبي ذر وبلال مثل الذي ذكروا له في باب الغناء والذب وبذل النفس ولم نجدهم ذكروا للزبير وابن عفراء وأبي دجانة والبراء بن مالك مثل الذي ذكروا له من التقدم في الإسلام والزهد والفقه ولم نجدهم ذكروا لبي بكر وزيد وخباب مثل الذي ذكروا له من بذل النفس الغناء والذب بالسيف ولا ذكروهم في طبقة الفقهاء والزهاد فلما رأينا هذه الأمور مجتمعة فيه متفرقة في غيره من أصحاب هذه المراتب وهذه الطبقات علمنا أن أفضلهم وإن كان كل رجل منهم قد اخذ من كل خير بنصيب فإنه لم يبلغ ذلك مبلغ من قد اجتمع له جميع الخير وصنوفه. قال الحافظ بعد كلام عَلَى هذا النحو وإنما قصدت إلى هذا المذهب دون مذهب سائر الزيدية في دلائلهم وحججهم لأنه أحسن سيء رأيته لهم وإنما أحكي لك من كل نحلة قول حذاقهم وذوي أحلامهم لن فيه دلالة عَلَى غيره وغنى عما سواه.
الخاتمة
تبين للقارئ من هذا البحث كيف كانت اليمن وكيف كان سكانها وما هي مذاهبهم وما نخال أن الداعي إلى كل ما وقمعن الفتن سوى المظالم التي دكت العمران أذعر بها السكان وهذا