منها مدينة سميت باسم سكانها (مثل سواسون تريف ليوج باريز) وكلما أنشئت مدن جديدة تضاف إلى ما أنشئ من نوعها قبلاً. وانضمت عدة مدن متألفت منها ولاية وكان لكل ولاية حاكم ينوب عن الإمبراطور وله سلطة مطلقة نافذة فهو يقضي بين الناس ويبيت المسائل ويبلغ المدن أوامر الإمبراطور وكان الواي في كالولايات الواقعة عَلَى الحدود حيث يرابط فيلق من الجيش هو القائد.
وما قط كان لسكان غاليا غاية في تاليف أمة خارجة عن بقية المملكة حتى أمسوا عَلَى التوالي يعتبرون أنفسهم رومانيين فيطيعون الإمبراطور وحكامه عن رضى ولذلك لم يكن الإمبراطور في حاجة أن يضم شملهم تحت رايته بالقوة كما يجمع شمل الشعب المغلوب عَلَى أمره. وكان له جيش ولكن عَلَى التخوم فقط للدفاع عن الغاليين من غزوات برابرة الجرمانيين لا لإكراههم عَلَى الخضوع. ولم يكن في تلك البلاد الواسعة التي هي أكبر من فرنسا الحديثة من الجنود إلا حرس الولاة يبلغ عددهم عَلَى الجملة ثلاثة آلاف رجل.
أصول المجالس البلدية في غاليا - ظل صغار الشعوب في غاليا يديرون أمور أنفسهم بأنفسهم وكان للإمبراطور التدخل في مسائلهم الداخلية ولكنه لا يسئ في العادة استعمال حقوقه بل يطلب إليهم فقط ألا يحارب بعضهم بعضاً وأن يؤدوا المطلوب منهم للحكومة في أوقاته وأن يحضروا أمام المحكمة الوالي وكان في كل ولاية عدة حكومات صغرى وتدعى كما كانت قديماً في المملكة الرومانية مداً أو بلديات. فالمدينة عَلَى عهد الإمبراطورية الرومانية كانت عَلَى مثال المدينة الرومانية نفسها فيها مجالس لعامتها وعمال ينتخبون كل سنة وينقسمون أقساماً كل قسم مؤلف من عنصرين ومجلسة الشيوخ يتألف من كبار أرباب الأملاك أي من الأشراف والأسرات القديمة وكان حال مجلس العامة أو الأمة كما هو الحال في رومية صورياً وفي مجلس الشيوخ أي الأشراف هم الحكام حقيقة أنا وسط المدينة فهو مدينة صرفة عَلَى الدوام أي رومية مصغرة ولها معابدها وأقواس نصرها وحماماتها العامة وعيونها ومسارحها وميادين لقتالها والحياة فيها صو رة من حياة رومية مصغرة من حيث توزيع الحنطة والدراهم والمآدب العامة والحفلات الدينية الكبرى والألعاب الدموية. إلا أن دراهم الولايات في رومية هي التي تؤدي النفقات أما في المدن فإن الأشراف أنفسهم يقومون بالنفقات اللازمة للحكومة والأعياد.