للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خيولهم. فقد خربت مدن كثيرة ولم تقم لها قائمة وبعضها تراجع عمرانه حتى غدا بمثابة دساكر حصينة فخربت دور التمثيل والحمامات والمدارس وجميع المصانع الرومانية شيئاً فشيئاً واتخذ السكان في كثير من المدن أحجارها ليبنوا به أسواراً وهلك أرباب الصناعات النفيسة فلم يبق سوى صناع قليل عددهم لا يستطيعون أن يبنوا إلا مباني ليس عليها مسحة من الذوق والجمال. واضمحل كل ما يقال له مشاهد ومدارس وأدب وغدا سكان الإمبراطورية يشبهون البربر. قال أحد القسيسين ممن كتبوا تاريخ ملوك الميرفيجيين والسف آخذ منه كل مأخذ: لقد هرم العالم وانثلمت فينا حاسة النكات البديعة فما من امرئ لعهدنا تحدث نفسه أن يبلغ مستوى خطباء الزمن الماضي.

شعوب جديدة - قضى البربر في أوربا عَلَى نظام الإمبراطورية الرومانية فجاءت سنة ٤٧٦ وليس في رومية إمبراطور وكل ملك من ملوك البربر سيد في الأرض التي نزلها قومه فانقسمت الإمبراطورية إلى عدة ممالك بربرية فنشأت في غاليا ممالك الفرنك والبورغوند وفي بريطانيا العظمى السبع ممالك من الإنكل والسكسون وفي إسبانيا مملكة ألويزغوت وفي أفريقية مملكة الواندال وفي إيطاليا مملكة الأوستروغوت ثم مملكة اللومبارديين وكثير من الممالك اضمحلت ودخلت في مملكة مجاورة ولكنه نشأت في كل أمة مستقلة عَلَى الأقل لها حكومتها وصناعتها وآدابها.

أخلاق جديدة - انتهت أيام المدنية القديمة بدخول الجرمانيين إلى الإمبراطورية وليس ذلك أن الجرمانيين حملوا مدنية جديدة كالرومان إلى غاليا ولا أنهم اتخذوا العادات القديمة كما اتخذ الفرس عادات آسيا بل إنهم أتوا ولهم عادات في الحياة والحومة تخالف ما ألفه الرومان فيما انخفض من بلاد الإمبراطورية.

فكزان أرباب الأملاك من الرومان يعيشون في المدن عزلاً من الأسلحة خاضعين لنظام الإمبراطور أما الجرمانيون فقد ظلوا يحملون أسلحتهم ونزلوا القرى وكان كل واحد في حلته جند من الخدمة المخلصين وكل امرئ سيد في أرضه لا يخضع البتة للحكومة وهم محتفظون بعاداتهم الجرمانية من عدم أداء الضرائب وبذلك قضوا عَلَى نظام بيت المال وعَلَى الاستبداد الإمبراطوري ومن هؤلاء المحاربين القرويين خرج فيما بعد الفرسان الأشراف.