والبورغوند وأتيوس القائد الروماني هو في الأصل كأتيلا نفسه.
أخلاق الغارة - كان في الإمبراطورية الرومانية أراض كثيرة وجند قليل وإذ كان البرابرة كلهم رجال حرب ويريدون أن يتملكوا أراضٍ اخذوا يتملكون تارة بالقوة والعداء وأخرى مقابل خدمة وفي صورة محالفين ودخول البرابرة إلى الإمبراطورية هو الذي نسميه غارة البرابرة (ويطلق الألمان عليه هجرة الشعوب) وهذه الغارة لم تحدث دفعة واحدة بل وصل الجرمانيون عصابة إثر عصابة وتاريخ العصابة الأولى سنة ٣٧٦ والعصابة الخيرة وقعت سنة ٥٦٨ فدامت الحركة إذاً في الغرب زهاء قرنين وظلت من جهة الشرق خلال القرون الوسطى كلها فلم يكن بذلك حرب ولا فتح ولم يؤلف الجرمانيون فيلقاً بل كانوا عَلَى العكس يثيرون السكان بعضهم عَلَى بعض بحيث استحقوا إعجاب كتبة الرومان بعملهم. قال بول اوروز إننا نرى كل يوم أمة من هذه الأمم البربرية تبيد أمة أخرى ولقد شاهدنا جيشين من الغوت يفني أحدهما الآخر ولكن هذه الشعوب تتقاتل لتموت وتهلك. والظاهر أن الجرمانيين لم يمقتوا الرومانيين بل كانوا يحاربون من أجلهم عن رضى دافعين غارات غيرهم من الجرمانيين أيضاً ولم يكن لهم مأرب في القضاء عَلَى الإمبراطورية بل كانوا يؤثرون أن يكونوا في خدمتها. قال أتولف أحد ملوك الغوت أنه كان يطمع أولاً في إبادة الاسم الروماني وأن يؤسس من طول الراضي الرومانية وعرضها إمبراطورية يدعونها الغوتية يكون شأنه فيها شأن القيصر أغسطس وإذ وقع في نفسه أن الغوت لا يعرفون النظام والترتيب ليخضعوا للقوانين عقد العزم أن يفادي بقوى الغوت لتوطيد سلطة الرومان وزيادة نفوذهم فكان يطمع أن يكون مصلح الإمبراطورية بدون أن يكون لهم منزع سياسي بل لمجرد أنهم كانوا يرجون أن تكون حالهم فيها أحسن من جرمانيا ولكن نشأت من نزولهم البلاد نتائج لم يتحدث بها أحد إذ ذاك.
البربرية - كان من أقرب النتائج أن تصبح الإمبراطورية إلى التوحش أقرب منها إلى المدنية فمضى زهاء قرن وعصابات مسلحة تطوف البلاد أنواع التطواف تحرق المدن وتخرب المصانع وتقتل الحراثين أو تسوقهم أمامها ولقد أبقى الوانداليون أخوف ذكرى حتى غدت لفظة وانداليسم تطلق للدلالة عَلَى التكالب في التخريب. وكان يقول الهونس وهم شعب من فرسان التتار أن العشب لا ينبت البتة في التربة التي وطأتها حوافر