للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هاجمها المهاجمون فاغتصب منها السلافيون إيبيريا وجنوب بلاد البلقان واقتطع منها العرب جميع أفريقية وسورية وجزءاً من آسيا ولم يبق لها سوى قطعتين عَلَى جانبي مدينة القسطنطينية في الغرب تراسيا (روم إيلي) وفي الشرق آسيا الصغرى. بيد أن العاصمة أيضاًَ قاومت هجمات المهاجمين العرب وفي ذاك الحمى الأمين احتفظت الإمبراطورية الشرقية بألقابها الضخمة وحكومته المطلقة وإدارتها المعتادة. وظلت عَلَى هذا النحو إلى أن استولى العثمانيون عَلَى القسطنطينية (١٤٥٣) وهذه الإمبراطورية التي أصبحت قرى بيزنطية هي التي نسميها الإمبراطورية البيزنطية.

يوستينيانوس - لأن كان منصب الإمبراطور وراثياً فإنه لم يبق في الإمبراطورية الشرقية أسرة مالكة فإن دسائس القصر وثرات عامة القسطنطينية لم تكد تمكن الإمبراطور إلا في الندر من نقل سلطته إلى أسلافه فكان معظم الأباطرة مغتصبين للمك. وأشهرهم يوستينيانوس (٥٢٧ - ٥٦٥) وهو ابن فلاح في ولايات الدانوب كان يرعى الغنم في طفولته دخل خاله يوستن بعد رعاية الغنم في الجندية ومازال يتنقل من رتبة إلى أخرى حتى غدى تؤثورن (قائد حرس القيصر) ثم إمبراطوراً واستدعى إلى القسطنطينية يوستنيانوس الذي اشتهر ببذله المال للجند وتمثيله الملاعب أمام العامة فنودي به إمبراطوراً عقب وفاة خاله.

ومن شأن يوستينينوس أن يبحث عن كل ما يزيد في إعجابه فتوفر عَلَى الشهرة بفتح البلاد وإنشاء المعاهد والمصانع وتقنين القوانين فأراد أن يكون فاتحاً عمرانياً مشرعاً. وإذ كان غير صالح للحرب عهد إلى صديقه بليزير أن يفتح البلاد باسمه وكان للإمبراطورية إذ ذاك عدوان أحدهما من الشرق وهي مملكة فارس الحربية والآخر من الغرب وهي الممالك التي أسسها البرابرة الجرمانيون في ولايات الإمبراطورية القديمة وكان ملك الفرس صاحب حول وطول جيشه قوي نظامه موطد الأركان وملوك البربر ضعفاء أخمد البذخ مقاتلتهم يمقتهم الشعب الكاثوليكي لا نظام لهم ولا ترتيب. فكان يوستينيانوس من جهة الشرق يغلب ولم يستطع بليزير غير الدفاع عن آسيا الصغرى وأن يعقد الصلح عَلَى شرط أن يدفع الجزية (٥٣٣) وفي آخر مدته (٥٦٢) وقع عَلَى عهد صلح جديدة متعهداً عَلَى أن يؤدي كل سنة ٣٠٠٠ ذهب وقد وفق بليزير من جهة ممالك البربر كل التوفيق فافتتح