يقضي بين المسلمين عَلَى أسرع وجه بدون كتابة ولا معاملة وذلك بمراعاة أحكام القرآن والعدل. ويقال عدل قاض يريدون به العدل الموجز. وكانت العرب كالرومان يتركون الشعوب الخاضعة لهم متمتعين بحقوقهم ومحاكمهم بل أساقفتهم (وكان في خلافة بغداد وحدها ٢٥ أسقفاً مطراناً) ويتركون المسيحيين يقومون كما يشاءون بشعائرهم الدينية مكتفين منهم بتأدية الجزية فقط وأن يحترموا المسلمين وأن لا يحملوا السيف ولا يبيعوا الخمر ولا يقرعوا نواقيسهم كثيراً ولا يتلون أناجيلهم بصوت جهوري.
المذاهب - لما كان بين الشعوب المختلفة التي دانت بالإسلام كثير من الاختلاف في الأخلاق لا يتأتى معه أن يقوموا بواجباتهم عَلَى مثال واحد انقسموا إلى عدة مذاهب فقدماء المؤمنين في العادة ولاسيما العرب منهم يؤمنون مع القرآن بأحاديث الرسول وما أُثر عن أصحابه وآله فيعززون الكتاب بالسنة ومنهم اشتق اسمهم أهل السنة. لا جرم أن هذه الأحاديث التي قبلت بسائق سرعة التصديق المعهودة في الشرقيين لا يرد عهدها إلى محمد (فقد أقر أحد الوضاعين الذي قتل سنة ٧٧٢ بأنه وضع ٤٠٠٠ حديث) ولكنها مع ذلك من أصل عربي. إما المذهب المناقض لهذا فقد تالف بعد مقتل علي فأبى أهله الاعتراف بخلفاء الأمويين في سورية ونبذوا الحديث وزعموا أنهم يتمسكون بالقرآن فدعا العريقون في الإيمان هؤلاء المخالفين شيعة أو رافضة وكان معظمهم قد أسلوا حديثاً وأكثرهم من الفرس فمزجوا الإسلام ببقايا دين زردشت القديم وادخلوا فيه حكايات واحتفالات ومعتقدات تكرهها العرب وجعل أكثرهم استنارة بكثرة تفسير القرآن وفلسفة مجازية من الدين مثل صوفية الفرس حتى لقد شبهوا هؤلاء بالإباحيين وكان من أمر السواد الأعظم كرهاً بالأمويين أن اتخذ من أخلاف علي ختن الرسول آل بيت إلهي وقالوا أن الخليفة غاصب وأن الزعيم الحقيقي من آل بيت علي وفيه السر الإلهي وهكذا جاء اثنا عشر إماماً عاشوا خاملين في المدينة ثم انقرض آل البيت فكانوا يتوقعون زمناً خروج الثاني عشر وهو محمد من مغارة بالقرب من بغداد حيث كان مختبئاً عَلَى ما يقولون ومنذ ذاك العهد أخذوا ينتظرون إماماً يأتي ذات يوم لمقاومة الشر بمعونة عيسى ويلقي السلام عَلَى الأرض وفي كل مساء يضرعون إليه أن يظهر قائلين تمثل لنا أيها الإمام فإن الإنسانية في انتظارك لأن الحق والعدل هلكا والأرض ملئت جوراً وظلماً. وهذا المسيح يسمونه المهدي (أي الرجل