الرجال من ساحوا أشهراً في طلب حديث روي عن الرسول وبالحقيقة أن المسلم يعنى عناية خاصة بعلم الكتاب وفي البلاد الإسلامية كما في المسيحية يفضلون تعلم الفقه. فقد كان الطالب في مدارس قرطبة يقضي أربع سنين في تعلم قراءة القرآن وثمان سنين في حفظه ثم يتعلمون الكتابة وهكذا كان يتخرج العلماء وهم علماء في الفقه والكلام إذ ليس القرآن قانوناً دينياً فقط بل هو قانون مدني. ومن دراسة تراكيب القرآن نشأ علم النحو وما برح المسلمون يبرحون من العلوم الكلام والفقه والنحو وكان في الحواضر مدارس يجتمع إليها من يرغبون في التعلم أو التعليم وهؤلاء الأساتذة المرتجلون كانوا يلقون دروسهم علناً بدون مقابل أو لقاء رواتب يدفعها عليهم الحضور. وأنشئت في القرن العاشر في بغداد ودمشق وسمرقند مدارس كلية حقيقية تدفع الحكومة رواتبهن.
وحفظت في مدارس الروم في دمشق والإسكندرية علوم الروم من فلك وجغرافيا ورياضيات وطب فجمع علماء الإمبراطورية البيزنطية رومهم وعربهم وفرسهم هذه العلوم وأكملوها ونشروها وقد كتب أحد علماء العرب أول كتاب في الجبر ترجم إلى اللاتينية ووصف جغرافيو العرب البلاد البعيدة التي كانت القوافل تختلف إليها. واستخرجت العرب من كتب الطب اليوناني الطب التجريبي الذي كان المعول عليه في القرون الوسطى وهو طب العقاقير والحبوب وكانوا كاليونان يبحثون عن داء يشفي من كل الأوصاب ولكن أهم ما غلب عَلَى العرب من علوم علم الكيمياء وكان يحببه إليهم أمران مرغبان لعقل الشرقي وهما العثور عَلَى حجر الفلاسفة الذي يحول جميع المعادن إلى ذهب والإكسير الذي يعطي الحياة ويعيد الشباب وكانوا يحاولون إخراجها بمزج كل مادة وإغلائها وتقطيرها فوقع الكيماويون في أنابيقهم وأدوات استخراجهم ما لم يكونوا يبحثون عنه فبدلاً من الإكسير حصل معهم الألكحول (١٦٦٩) ثم بعد زمن بينا كانوا يبحثون عن حجر الفلاسفة وجدوا في ألمانيا الفوسفور. وظلت الكيمياء وهماً ولكن نشأت منها الكيمياء الحديثة كما نشأ قديماً في بلاد الكلدان علم الفلك من علم التنجيم.
فنون العرب - لم يكن للعرب كما للرومان صناعات وطنية خاصة بهم فكانوا إذا احتاجوا إلى قصور أو جوامع يعمرونها أولاً عَلَى الطراز الفارسي أو البيزنطي مثل جامع دمشق ولكن لم تلبث الصناعات الفارسية والبيزنطية أن اختلطت ونشأ منها صناعة جديدة هي