مثال الجلد القرطبي (الكوردواني) نسبة لقرطبة (ومن هنا اشتق بالإفرنجية اسم كوردونية أي صانع الأحذية) كما يصنع السختيان (الماروكين) نسبة إلى مراكش. ويعمل في بغداد السكر الذي كان اخترع في بلاد الفرس وكانت العرب تحسن عمل المربيات والشربة والخمور الناشفة وروح الورد.
التجارة - عاش الشعوب في بلاد العرب الواسعة كما كانت الحال عَلَى عهد الرومان من أقصى المملكة إلى أقصاها بسلام وراحة يتقاضون حاصلات أرضهم ومصنوعات معاملهم ويرحلون إلى الهند والصين يبتاعون مصنوعات الأمم الصناعية ليحملوها إلى الشعوب البربرية في أوربا وكانت الصنائع تنقل في البحار عَلَى مراكب وفي البر عَلَى ظهور الجمال وللعرب مرفآن تجاريان عظيمان متصلان بالعاصمتين أحدهما البصرة عَلَى خليج فارس كان يفتح للعرب بحر الهند وهناك تفرغ مراكب العرب وهي قادمة من الهند تحمل العطور والأباريز والعاج وتجيء الجنوك الصينية تحمل جميع صمغ اللك والحرير وتعود بالزجاج والسكر وماء الورد والقطن. والإسكندرية هي المرفأ الثاني فتحت عَلَى العرب طريق البحر الرومي وإليه كانت تصل مراكب إيطاليا فالبصرة مرفأ بغداد والإسكندرية مرفأ القاهرة.
وتسير القوافل من بغداد إلى كل ناحية فمن الجنوب الغربي تقصد إلى دمشق وسورية وإلى الشرق نحو البصرة والهند ومن الشمال إلى طربزون عَلَى البحر الأسود حيث كانت تحمل بضائع المملكة البيزنطية وإلى الشمال الشرقي إلى سمرقند وبحر الخزر حيث كان يذهب التجار ليأخذوا جلود روسيا وشمعها وعسلها. وكانت القوافل من القاهرة تسير إلى الغرب في الطريق العظيم الذي يحاذي البحر عَلَى طوله ماراً بطرابلس والقيروان لينفذ من طنجة التي كانت تصل إليها تجارة إسبانيا ومن الجنوب طريق يصعد منها إلى النيل حتى بلاد السودان وآخر يسير عَلَى الشاطئ الشرقي من أفريقية حيث أنشأت العرب مقدشو وكلوة وسفالة. ومن هذه الجهة كان يجيء التبر والعاج والعبيد. وكان في جميع المدن العظمى كبغداد والقاهرة ودمشق والقيروان وطنجة وقرطبة وسمرقند حي للتجارة (البازار) يعرض فيه التجار أمتعتهم ويتفقون عَلَى الأسعار.
العلوم - يقول المثل العربي من سار في طلب العلم سهل الله له طريق الجنة وكثير من