الحرير وآنية الفضة وطيوب بلاد العرب التي يحرقونها في مجامر ذهب. وهكذا بذخ الشرقي يرغب في الثمين الفاخر أكثر من رغبته في الموافق السهل.
الزراعة - من أول واجبات الحكومة أن تفتح الترع اللازمة لزراعة الأرض. وهذه كانت قاعدة أمراء العرب التي جروا عليها وحفروا الآبار وجازوا من عثروا عَلَى الينابيع بالمال ووضعوا المصطلحات لتوزيع الماء بين الجيران فإن مصر والشام وبابل هي من البلاد الحارة التي تخصب وأي خصب عندما يسقونها قد علمت العرب قيمة الماء وطريقة الانتفاع منه فنقلوا إلى إسبانيا أسلوب النواعير التي تمتح الماء والسواقي التي توزعه. وإن الهورتا (؟) في ضواحي بلنسية وهو سهل مزروع كما تزرع الحديقة هو من بقايا حومة العرب وديوان المياه الذي كان يفض مسائل السقيا نظمته العرب.
وقد استعملت العرب جميع أنواع الزراعة التي وجدوها في مملكتهم وحملت كثيراً من النباتات إلى صقلية وإسبانيا وربوها في أوربا فأحسنوا تربيتها حتى لتظنها وطنية وذلك مثل الأرز والزعفران والقنب والمشمش والبرتقال والكباد والنخل والهليون والبطيخ الصفر والعنب العطر والورد الزرق والصفر والياسمين بل والقطن والقصب وقد دخل هذان الصنفان منذ اكتشاف أميركا.
الصناعة - وجدت العرب في الشام وفارس صناعات قديمة نقلت إلى جميع البلاد الإسلامية فتكملت ومنها نشئت صناعة أوربا الحديثة. وكانوا يعملون في معامل الزجاج في بغداد والشام زجاجاً معمولاً بالياقوت والصدف وتخرج من معامل الأسلحة العربية الفولاذ العجمي واليطقانات المنحنية في البصرة والسيوف في اليمن ثم أخذت سورية تصنع النصال الدمشقية المشهورة وإسبانيا السيوف المسقية في طليطلة. ويحوكون في جبال آسيا الصغرى السجاد من صوف ذي وبر. وفي دمشق قماش الدمسكو وأقمشة القصب وأقمشة الحرير والصوف الدقيقة ويصنع الشاش في الموصل. وقد انتقلت الرسوم العجمية التي كانت تزدان بها هذه الأقمشة من طيور وأسود وفيلة وحيوانات ونباتات يتخيلونها (ويرد عهد بعضها إلى الآشوريين) إلى تزييناتنا الحديثة وكان يعمل الورق في سمرقند وبغداد منذ القرن العاشر وربما قلدوا في صنعه الصينيين ومن هاتين العاصمتين انتقلت صناعة الورق إلى صقلية وكساتيفا (؟) في إسبانيا. وكانت في الغرب معامل الجلد الشهيرة وهي