وتقعد والحال أن هذا النوع من الصحافة قديم يرد عهدها في الحقيقة إلى يوم قام بنيت مؤسس جريدة نيويورك هرالد وأعلن أنه سيتخلون عما يسمونه بالمبادئ ويبحث خاصة فينشر رصائفه أخباراً كثيرة وحوادث اليوم مفعلاً فيما ينقل ويروي ماله دخل بحوادث البيوت وقصص العاشقين والسارقين والقاتلين وأخبارهم الشخصية فما كاد يطبق هذه الخطة عَلَى العمل حتى سلقه الناس بألسنتهم وضرب غير مرة بالسياط وما كان يجيب ذلك بغير طبعة خاصة من جريدته يقص فيها بنثره الشديد القارص ما يكثر به جمهور قراءه الجدد ثم تبعه في ذلك صاحب جريدة الورلد. وأهم ما في هذا الضرب من الصحف اليوم أحاديث بعضها موهوم وتواريخ جنايات وطلا قات وفضائح وفظائع وفي أعداد أيام الآحاد وهي أكبر حجماً وأغزر مادة ملحق مصور بالألوان وكثير من الأخبار أكثر من العادة وحوادث من شأنها أن تحدث تأثيراً شديداً وحركة اضطراب في القراء وتحبب إليهم الفضول والفزع. وقد امتازت الصحف الصفراء في سرد الجنايات فلا تكتفي أن تورد لقرائها تفصيلاً وافياً عن أعمال اللصوص عَلَى اختلاف ضروبها بل تعلمهم أيضاً الطرق الغريبة في القتل والسرقة. وهذه هي سيئات هذه الصحافة ولكن لها مزية أخرى هو أنها داعية بل أكثر داعية للارتقاء والإصلاح الاجتماعي تنصرف لخدمة المصلحة العامة مستقلة في أفكارها تحمل عَلَى الرشوة حملات هائلة تنتقد الأفكار وتكشف القناع عن أعمال رجال السياسة وفضائحهم وتقاوم الحكومة البلوتوكراتية والامتيازات فهي خادمة أمينة للديمقراطية من هذا الوجه.
ملح تونس
ثبت أن أرض تونس بطبيعتها قابلة لاستخراج الملح الصناعي الذي هو أنفع لتمليح الأسماك التي تصطاد من شمال أوربا أكثر من الأملاح التي تستخرج من صقلية وإسبانيا والبرتغال بل هو أحسن ملح في العالم لأنه خالٍ من المواد قابلة التحليل ويستخرج منه الآن خمسمائة ألف قنطار يخرج منها ٢٠٠ ألف إلى إيطاليا و١٢٠ ألفاً إلى نروج و١٠٠ ألف إلى بلغاريا و٢٠ ألفاً إلى النمسا وقليل من القناطير تصدره تونس إلى الجزائر وفرنسا ويمكن أن يستخرج من هذا الملح سنوياً ستمائة ألف طن واستخراجه متوقف عَلَى امتياز من حكومة تونس.