للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استقلال أرباب الأملاك - ضعفت سلطة الملك منذ القرن التاسع فضعفت طاعة رعيته فاعتاد السادات من العامة والخاصة أن يكونوا مستقلين في بيوتهم فكل صاحب ملك (فارساً كان أو رئيس دير) هو كالمليك الصغير في أملاكه فحراثوه وخدمته هم رعاياه وله الحق أن يقودهم ويغرمهم ويحبسهم ويشنقهم وله مشنقة خاصة وله مناد يبلغ أوامره إلى السكان ويحارب جيرانه وكثيراً ما يصك نقوداً. قال أحد فقهاء القرن الثالث عشر أن كل بارون هو مليك في أرضه. وكل محلة هي مملكة صغيرة بحيث أن رجال ذاك الحي يدعون أهل القرية المجاورة غرباء عنهم وكان في البلاد عدة ألوف من هؤلاء الأفيال وكثير هم فرسان فقط لا يملكون إلا قرية واحدة أما غيرهم من الأغنياء فيلقبون بألفاظ سير وبارون ثم أن في كل ولاية رجل يلقب بلقب كونت أو الدوق ويكون أعظم أرباب الأملاك في الولاية ولم يكن أجداده عَلَى عهد شارلمان سوى حكام في خدمة الملك بيد أن الملك في القرن العاشر لم يكن له قوة ليستعيد منهم السلطة لأنهم أصبحوا كونتية ودوقات أباً عن جد وأصبحت دوقياتهم وكونتياتهم إقطاعاً أي ملكاً وزهي كسائر الأملاك يمكن بيعها وو قفها وتنسيقها أيضاً (كما وقع لدوقية غاسكونيا) أو أن تنضم إلى غيرها (كما وقع لكونتيتي بولوز وشامبانيا) وإذا لم يعقب صاحبها ولداً ذكر تنقل أملاكه إلى ابنته ويكون لها منها بائنة (دوطة) تعطيها زوجها (ويقول عندها أن الملك صار لامرأة) وغذ ذاك يكون لكل مالك في ملكه سلطة ملك وكل ملك يجعل مملكته كملك. وقد بانت بهم الحال أن يمزجوا بين التملك والملك ولذلك كانت جميع سياسة الملوك في القرون الوسطى سياسة بيوت وأسرات وكل ملك كالفلاح لعهدنا يحاول أن يوسع ملكه وأن يعول عياله.

الملك - كان الملك أعلى سادات فرنسا كعباً وارقاهم منزلة وله لقب سامٍ ويخضع له الجميع ولكنه لم يكن أقدرهم بل كان لدوق نورمانديا وكونت تولوز املاك أوسع من أملاكه ولم يكن يمين الإخلاص الذي يرتبط به أولئك السادة العظام مع الملك إلا عبارة عن حفلة أدبية يمنعهم من أن يعلنوا الحرب عليه حتى أنهم كانوا إذا لم يريدون نقض العهد علناً قلما يتضايقون منه. وقد وضع بروبرت كونت فلاندر سنة ١١٠١ وفي عهدة عقدها مع ملك إنكلترا الشرط الآتي: إذا هاجم لويس ملك فرنسا الملك هنري ملك نورمانديا يذهب روبرت بعشرة من الفرسان فقط إلى جيش لويس ويبقى الخمسمائة فارس الآخرون في خدمة الملك