هنري وإذا زحف الملك لويس عَلَى إنكلترا وأخذ معه الكونت يتحتم عَلَى الكونت أن يأخذ معه أقل ما يمكن من الرجال. ولقد بلغ العجب مبلغه في بلاط لويس السابع عندما جاءه اسقف ماند إلى باريز يعترف بسلطة ملك فرنسا وقيل أن هذا البلد لم يخضع قط إلا لأسقفه ولم يكن الملك كسائر السادة مطاعاً إلا في محلته واقتضى له إذا أراد أن يطاع في مملكة فرنسا أن يوسع أملاكه عَلَى مر القرون ويدخلون ولاياتها في ملكه الواحدة بعد الأخرى.
العادة - لم يمكن لأهل القرون الوسطى قوانين محررة بل كانوا يعملون في كل مسألة بما سلف لأجدادهم منها ويسمون ذلك اتباع العادة ولم تكن العادة مكتوبة بل تحفظ تقليداً حتى في القرن الثالث عشر أيضاً إذا حدث حادث مشتبه به يجتمع أقدام السكان ويسألون عما رأوه يعمل في مثل هذا الشأن وهكذا كان لكل قرية عاداتها حدثت مع الزمن ولم تكن تشبع عادة القرية المجاورة قال بومناروا لا يوجد في هذه المملكة سيدان حاكمان يعملان بعادة واحدة ومع هذا فإن الصقع الواحد الذي تتشابه عاداته بعض الشيء يتألف منها عادة واحدة. والفرق الكبير كان بين بلاد الشمال حيث العادة كانت منبعثة من العادات الجرمانية وبين بلاد الجنوب التي احتفظت بعادات الحقوق الرومانية. وبعد فقد كان أهل القرون الوسطى يحبون العادة ويحترمونها لأنها كانت القاعدة الوحيدة التي يهرع إليها والسد الوحيد في وجه الظلم وعندهم أن العادة يجب بقاؤها ومن لا يحفظها يوشك أن يفتح سبيل الخصام الكثير بين الناس.
السلم والعدل - كان أرباب الأملاك في القرون الوسطى يوطدون دعائم السلام بين عبيد محلتهم ويحكمون بينهم (أحكاماً تختلف جوراً وعدلاً) ولكن لم يوطد أحد دعائم السلام بين أرباب الأملاك وكل منهم يحكم لنفسه بنفسه وذلك بإشهار الحرب عَلَى جاره ويقتضي لتقرير السلام أن يعدل الفرسان عن عاداتهم في التقاضي إلى السلاح وأن يقبلوا بعض قضاياهم في محكمة أن يستعاض عن الحروب بقضايا ولذا كان لفظ وسلم من الألفاظ المترادفة في القرون الوسطى ولقد كان للملك في بعض البلاد (مثل نومانديا وإنكلترا ونابل وإسبانيا) من الاقتدار ما يستطيع معه أن يكره الفرسان أن يحفظوا السلم للملك أو للدوق وحاول الأساقفة في البلاد الأخرى أن يقنعوا الفرسان بتوطيد سلام الله ولكنهم لم يفلحوا أن يؤسسوا محكمة منتظمة.