للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رجال الكنيسة. وتسمى هذه التجارة بيع المقدسات الروحية (سيمونية) وأصبح الإكليريكيون الخاصة جفاة غلاظاً جهلاء طماعين كالعامة وكان بقال أن الكنيسة قد سرى إليها الفكر السائد في ذاك القرن.

رهبنات جديدة - أوجس رجال الكنيسة المخلصون لآدابها خيفة من هذه الفضائح فحملوا أرباب الغيرة منهم عَلَى تأسيس رهبانيات جديدة فجاء بعضهم في هذا العالم الفاسد وهربوا إلى البادية مثل القديس برونو الذي جاء منة شمالي فرنسا وتوغل في جبال دوفينيه المتوحشة في بضعة من رفاقه وأسس رهبنة القلايين (شارتر أو الكرتوسيين) وأسس أحد عظماء الطليان القديس رومولاد في جبال طوسكونيا رهبنة الكامالدويين. وأراد آخرون استئصال هذه الفضائح مباشرة بعد بإدخال رجال الدين تحت قاعدة فبدءوا يشددون في نظام أحد الأديار ليكون نموذجاً في إصلاح غيره. وأهم مراكز الإصلاح كان دير كلوني أقدم الأديار وقد جرى إصلاحه في القرن الحادي عشر ودير سيتو الذي أسس سنة ١٠٩٤ وكلاهما في إقليم بورغونيا ودير كليرفو المؤسس سنة ١١١٥ وبرمونتره المؤسس سنة ١١٢٠.

ولم يقصدوا من ذلك أن يستعيضوا عن القاعدة القديمة التي وضعها القديس بنوا بل عَلَى العكس أن يضعوها موضع العمل بإنفاذ نظام العمل عَلَى الرهبان والطاعة والفاقة مما بطل في الأديار بما تسرب إليها من أفكار ذاك القرن. فمنع مؤسس دير كليرفو القديس برنارد رهبانه من لبس الفراء والدثر والقبعات وقضى بحظر جميع أنواع الزينة حتى في الكنائس ولم يسمع بغير صليب من الخشب المنقوش وشمعدان كبير مشعب من الحديد ومباخر من النحاس. وبقي الرهبان كلهم بعد الاصلاح من البندكتيين وتقرر لتوقيف الخلل الذي دخل عَلَى أيسر وجه إلى دير مستقل أن ترجع للدير المصلح إدارة الأديار المؤسسة أو المصلحة عَلَى يده. وهكذا أصبحت أديار كلوني وسيتو وبرمونتره زعيمة رهبنة ولم تعد أديار رهبنتها أدياراً كبرى بل بيعاً ومعابد تخضع لرئيس واحد وتبعث بمفوضين من قبلها يمثلونها في المجتمعات العامة في الرهبنة. فنجحت الرهبنات في أسرع ما يمكن فكان لكلوني في القرن الثاني عشر أربعمائة راهب وينظر في شؤون ألفي دير وكان لسيتو تحت طاعتها نحو ١٨٠٠ دير منتشرة في جميع أوربا وعند ذلك بدأت المنافسة بين رهبان