كلوني السود ورهبان سيتو البيض. وكان هؤلاء الرهبان المصلحون هم الذين اضطروا بقية رجال الدين أن يصلحوا أخلاقهم وهم الذين عضدوا البابا أحسن عضد وحملوا المسيحيين كافة عامتهم وخاصتهم أن يحنوا رؤوسهم لسلطته. فقد كان غريغوريوس السابع العظيم المصلح الحاكم من رهبان كلوني والقديس برنارد اللاهوتي العظيم في القرن الثاني عشر من رهبان سيتو.
كان من العادة القديمة في الكنيسة إذا أقرأ أحد المؤمنين بخطيئة ارتكبها أن يقضي عليه القسيس بالتوبة قبل أن يغفر له ويدعه يدخل الكنيسة بين الناس وتجري هذه التوبة علنية إذا كانت الخطيئة ارتكبت كذلك. وكتبت في القرن الثامن كتب توبة فيها العقوبة المقدرة لكل خطأ. . مضت قرون وهذه التوبات مثال القسوة وإذلال النفس ففي بعض التوبات التي تطول سبع سنين كان يتحتم عَلَى التائب في السنة الأولى أن يقف حافياً أمام باب المدينة يركع أمام الداخلين يتوسل إليهم أن يصلوا له. والتوبات عبارة عن الصيام وترديد صلوات وضرب البدن بالعصي ثم انتظمت هذه الطريقة فرأى رجال الكنيسة أن ثلاثة آلاف ضربة بالعصا تعادل سنة في التوبة. وقد اشتهر أحد نساك الطليان في القرن الحادي عشر واسمه دومينيك ولقب بالدارع بأنه يتمكن في خمسة عشر يوماً أن يقوم بمئة سنة من التوبة وأقروا أيضاً عَلَى ابتياع التوبة بالأعمال الصالحة مثل الحج ومنح العطايا إلى الكنائس وكانوا يقولون أن للقديسين من الفضائل أكثر مما يجب لخلاصهم وهذه الفضائل الزائدة قد تألفت منها كنز الغفرانات التي بها تشترى خطيئات المخطئين. ولدى الكنيسة هذا الكنز في الغفران تنفق منه عَلَى المؤمنين وفي وسعها أن تفضل منه عَلَى أرواح الموتى التي يراد تطهيرها وتطلب لقاء ذلك بعض المال. فالخاطئ لا يشتري الغفران (كما قيل ذلك خطأ) بل يبتاع التوبة فقط وبعبارة أخرى أن الكنيسة تعطيها له. هذه هي نظرية الغفرانات. فقد قال داميانوس إننا بما نأخذه من أراضي التائبين نمنحهم كمية من التوبة بحسب ما يعطوننا. وعلى هذا كانت التوبة قسمين أحدهما وهي السهلة (ما ينال الغفران من العطايا والحج) وهكذا يكفي الأرواح الفاترة وأوقات السكون والآخر وهو بربري (ضرب العصي) تطمئن إليه الأرواح المتحمسة وقد كان الغيورون من المسيحيين مثل القديس لويس والقديسة إليزابثة يلبسون قميصاً من الشعر ويضربون بعصا يد من يعترفون له. وفي أوقات الفزع