للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ديوان التفتيش الديني - بعث البابا إلى مدن إقليم لانكدوك بموظفين عهد إليهم البحث عمن يشتبه بهم بالإلحاد وذلك ليستأصل الملاحدة عن بكرة أبيهم ومنحهم كل سلطة في إلقاء القبض عَلَى كل شخص ومحاكمته والحكم عليه وأطلق لهم الحرية أن يعملوا بما يرونه مناسباً مبيحاً لهم أن يغفر بعضهم لبعض إذا بدرت منهم بادرة وهؤلاء المفتشون (وفي العادة أن يكونوا قسوساً) يستقدمون الرجال الذين يرمون بالزندقة ويسألونهم بدون أن يقولوا لهم أسماء من أظهر أمرهم فإذا أبى المشتبه به الكلام يسجنونه ويضيقون عليه الخناق ولقد قال أحد هؤلاء المفتشين ولطالما رأيت أناساً حبسوا عَلَى تلك الصورة سنين كثيرة فانتهى بهم الحال أن اقروا أيضاً بأجرام لهم قديمة وعادوا أيضاً ليحملوهم عَلَى الإقرار يستعملون معهم طريقة التعذيب التي تركت منذ عهد الرومان وأخذت بالاستعمال عند ظهورهم وكانت محكمة التفتيش تحكم بطريقة عرفية بدون استئناف تحكم عَلَى بعضهم بغرامات فاحشة أو بحج بعيد وعلى غيرهم أن يحملوا عَلَى ثيابهم صلباناً صفراء تخاط عليها فتشعر بأنهم مشتبه بأمرهم أمام القوم ويقضى عَلَى الآخرين أن يطوفوا تائبين يحملون العصي ليجلدوا. وغيرهم يسجنون مؤبداً في مطبق صغير مظلم عَلَى خبز الكرب وماء العذاب وبعضهم يحرقون في وقود الحطب وديوان التفتيش لا ينفذ الحكم عليهم بنفسه بل يكتفي بان يدفعهم إلى القاضي المدني العامي وهو يعيدهم إلى الجلاد.

الرهبان الشحاذون - أصبحت الرهبنات الدينية التي حملت في القرن الحادي عشر عَلَى الفساد المستحوذ غنية عنىً فاحشاً فكان رئيس دير كلوني يسيح في موكب مؤلف من ثمانين فارساً والرهبان البيض الذين أرسلوا لتنصير الملاحدة قد حملوهم عَلَى العصيان بما رأوه من بذخهم ولذا دعت الحال إلى وضع نظام جديد وذلك بما قام به القديس فرانسوا الإيطالي والقديس دومينيك الإسبانيولي.

فكان القديس فرانسوا (ولد سنة ١١٨٢) ابن تاجر غني في آسيز تخلى عن المال وراح إلى المدن يستوكف الأكف ويدعو الناس. فظنه القوم مختل الشعور ولعنه أبوه ولكن لين جانبه ولطفه وحماسته لم تلبث أن عقدت القلوب عَلَى حبه فأعجبت به وجاءه من تلقوا دعوته زرافات فعزم أن يضم شتاتهم وأنشأ رهبنة الأخوان القاصرين (الفرنسيسكان) وكان القديس فرانسوا يعيش عيش التنسك يسهر ويصلي ويصوم ويلبس مسحاً ويمزح رماداً في