كان هريهم وخوانتهم كانوا يقبلون في جملتهم من الإخوان ما جاءهم فمن يقصدونهم يعطونهم ثوباً وحبلاً وما عدا ذلك فيكلون أمره للعناية الإلهية. ولقد عاش قدماء الرهبان خارجين عن العالم أما الرهبان الشحاذون فاختلطوا بالمجتمع وأذن لهم البابا أن يبشروا ويعرفوا ويدفنوا فاخذ المؤمنون يهرعون إليهم تاركين قسوسهم المعتادين وكان بذلك ثورة عظيمة وطدت سلطة البابا كل التوطيد.
عدل الكنيسة - كان في كل أبرشية منذ القرن الثالث عشر محكمة للكنيسة يجلس فيها مندوب الأسقف للحكم فينظر فيها في عامة القضايا التي لها مساس بأحد الإكليريكيين إذ لم يكن يقبل أن عامياً يرفع يده عَلَى رجل من رجال الله فالإكليريكي إذا ارتكب جرماً لا يحاكم عليه إلا مثله وهذا من جملة امتيازات رجال الدين امتيازات يرغب فيها لأن قضاة الكنيسة لا يحكمون بالإعدام بتاتاً وكثيراً ما كان أحد الأشقياء فراراً بنفسه من المشنقة يدخل في درجة من درجات الإكليروس ويتعلم صلاة باللاتينية ويظهر بمظهر ديني وقد امتدت سلطة المحاكم الكنائسية عَلَى العامة. فالكنيسة التي تدير أسرارها القربان المقدس يجب أن تبت في كل المسائل التي لها علاقة بهذا الشأن ومثل هذه المسائل ليست بقليلة. فقد أصبح الزواج منذ ظهور الدين المسيحي سراً من أسرار القربان فيأتي الزوجان في شهودهما يقفان تحت دهليز الكنيسة فيسألهما الكاهن فيما إذا كانا يقبلان الزواج فيقول الزوج أنا يا هذه أرضاك زوجة وتقول العروس أنا يا هذا أرتضيك بعلاً ويأتي أهل المرأة ويضعون يدها في يد زوجها ويبارك القسيس خاتم الزواج إشارة العقد ثم يدخلون كلهم الكنيسة فيتلو القسيس القداس عَلَى الزوجين الراكعين المستورين بشعار خاص وهذه الحفلة جعلت الزواج في يد الكنيسة وكانت تكفي في عهد الرومان إرادة الزوجين لعقد القران كما يكفي إرادتهما لفسخه أما المسيحيون فعلى العكس لا يستطيعون الزواج إلا إذا سمحت الكنيسة (وكثيراً ما تحظره حتى بين الأهل البعيدين) فإذا تزوجوا كان زواجهم طول العمر لأن سر الزواج لا ينحل. وهكذا بطل الطلاق وإذا تعذر التئام الزوجين لا تسمح الكنيسة إلا بالتفريق بينهما ولا تحل رابطة الزواج مطلقاً.
والكنيسة تحكم أيضاً في الوصايا لأن الرجل لا يتأتى له أن يوصي إلا بعد الاعتراف والاعتراف سر من الأسرار وتأبى الكنيسة أن تدفن من لم يعترف ولم يوص والعادة