للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السلطة الروحية للبابا ليحكموا العالم معاً ولكن عندما استعلت جذوة الخلاف بين البابا والإمبراطور اقتضى أن يتساءل الناس ما هي حقوق السلطة الروحية والسلطة الزمنية وعند أي حد تقف. وهي مسالة صعبة لم يتيسر للعصور المقبلة أن تحل عويصها ولا تزال تتناقش فيها تحت اسم صلات الكنيسة بالحكومة.

ولقد كان الناس في العصور الوسطى يسيئون فهم سلطتين متساويتين مستقلتين وهل البابا أو الإمبراطور هو الذي يحكم عَلَى الآخر وكل منهما يزعم أن سلطته رفيقة سامية فكان الإمبراطور وارث القياصرة والملقب بألقابهم يطالب بحق الزعامة عَلَى العالم أجمع والبابا يقول أن الله بإعطائه إلى القديس بطرس الحق المطلق أن يحل ويربط في السماء وعلى الأرض لم يستثن أحداً بل أخضع إليه الأمراء وجميع دول العالم وولاه أميراً عَلَى ممالك الدنيا. والبابا أسمى مقاماً من جميع الأمراء وهو قاضيهم ففي وسعه إذا رآهم غير لائقين للحكم أن يحرمهم وأن يعزلهم وأن يجعل رعاياهم في حل من إخلاص البيعة لهم. وقد نفذ غريغوريوس السابع هذه الحكمة بعزل هنري الرابع. فطال الخصام بين السلطتين فبدأ في القرن الثاني عشر عَلَى التولية ودام بشأن حقوق الإمبراطور عَلَى مدن لومبارديا إلى سنة ١٢٥٠ فغلب الإمبراطور لأن سلطته عَلَى العالم وهمية ولم تكن له سلطة في ألمانيا وإيطاليا ثم أنه عجز عن أن يبذل له الطاعة أمراء الألمان ومدن الطليان.

نفوذ البابا - أصبح البابا في القرن الثالث عشر وسنده رجال الكهنوت الذي قوي بالإصلاح والتهذيب زعيم العالم المسيحي بلا منازع فهو بصفته نائب المسيح يحكم عَلَى رجال الإكليروس كافة وهؤلاء يحكمون عَلَى جمهور من المؤمنين وحفظ لنفسه الحق أن يجمع المجامع ويعزل الأساقفة ويغفر لكبار المجرمين ويعطي ما يلزم من النفقات فيتناول القربان عَلَى عرش عالٍ ويقبل جماعته رجليه ولرسائله قوة الشريعة في الكنيسة كلها وإليك كيف تحدد سلكته قال إينوسان الثالث: لقد وضع الخالق في سماء الكنيسة منصبين أعظمهما البابوية فهي تحكم عَلَى الأرواح كما تحكم الشمس عَلَى النهار واقلهما الملك فهو عَلَى الأجسام كالقمر والليل فالبابوية مفضلة عَلَى الملك كما تفضل الشمس عَلَى القمر. وقد عهد سبحانه وتعالى إلى القديس بطرس أن يحكم لا الكنيسة العامة فقط بل العالم فكما أن جميع مخلوقات السماء والأرض والجحيم تثني ركبتيها أمام الله. هكذا كلهم يجب أن