للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصورة عَلَى طريق الأرض المقدسة فضاق صدر الصليبيين من هذه الرحلات القاتلة في البر واخذوا يعدلون عنها وفي القرن الثالث عشر قصدوا كلهم البلاد المقدسة من طريق البحر فكانت السفن الإيطالية تقلهم وخيولهم إلى الأرض المقدسة في بضعة أشهر حيث يجاهدون الجهاد الحقيقي.

كان الفرسان في قتالهم المسلمين إذا تساوى عدد المقاتلين قد يكتب النصر لهم وذلك لأنهم كانوا بخيولهم الضخمة وسلاحهم الذي لا يتأتى خرقه يؤلفون كتائب متراصة لا يستطيع فرسان العرب الراكبون عَلَى خيول صغيرة أن يخرقوها بسهامهم وسيوفهم. نعم عن حروبهم لم تسفر عن نتيجة فعاد الصليبيون الظافرون إلى أوربا ورجع المسلمون. وهذه الجيوش المتقطعة كانت تستطيع فتح الأرض المقدسة ولكن لم تكف لحفظها بيد أنه كان ينضم إلى أهل الصليب الذين أتوا للنجاة بأنفسهم من الخطايا رجال من الفرسان والتجار الذين قصدوا البلاد ليغتنوا فكانوا يعنون بحفظ البلاد وبهؤلاء كتب التوفيق التام في الحروب الصليبية باستخدامهم القوة المؤقتة التي كان يوليها سواد الصليبيين. فكانوا يديرون الأعمال الحربية وينشئون أدوات الحصار ويأخذون المدن ويتحصنون فيها بحيث يتوقعون عودة العدو. ولو ترك أولئك الصليبيون وأنفسهم لما استطاعوا أن يقاتلوا في تلك البلاد القاصية فإن الحملات ذات الأبهة التي كان الملوك قوادها (مثل لويس الثاني عشر وكونراد وفريدريك بربروس وفيليب أغسطس وملك المجر وسان لوي) قد أخفقت كلها إخفاقاً ذليلاً. والحروب الصليبية الوحيدة التي نجحت حقيقة (الأولى التي فتحت سورية والرابعة التي فتحت إمبراطورية الروم) وكان قواد الأولى النورمانديين من إيطاليا والأخرى البنادقة. وكانت حماسة الصليبيين وشجاعتهم قوة عمياء لا ينتفع بها إلا إذا كان المدبرون لها أناساً من أهل التجربة. وما كان الصليبيون سوى معاونين والمؤسسون الحقيقيون للمالك المسيحية هم المتشردون والتجار ممن كانوا يشبهون المهاجرين المحدثين الذين كانوا يسافرون لاستيطان الشرق. وما كان هؤلاء المهاجرون قط من الكثرة بحيث تأهل بهم البلاد بل ينزلوها متخذين لهم معسكرات بين أهلها الوطنيين ولم تكن الإمارات الإفرنجية سوى عبارة عن حكم أشراف يقوم به بضعة ألوف من الفرسان الفرنسويين والتجار الإيطاليين فليس لها من تماسك الأجزاء ما كان لممالك الغرب التي تستند عَلَى