أهم ما يطلب منه أن يعتني به أدبه في نفسه وأدبه في درسه
القسم الأول أدبه في نفسه - وذلك في أمور (منها) أن يقصد بتعليمه وجه الحق سبحانه وتعالى لا توسلاً إلى غرض دنيوي كمال أو جاه أو شهرة أو تكثير المختلفين إليه أو نحو ذلك كما كان عليه سلف الأمة فقد قال الشافعي رحمه الله: وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم عَلَى أن لا ينسب إليَّ حرف منه: وقال أيضاً: ما نظرت أحداً قط علي الغلبة ووددت إذا ناظرت أحداً أن يظهر الحق عَلَى يده:
(ومنها) أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها وحث عليها والخلال الحميدة والشيم المرضية التي أرشد إليها كالحلم والصبر والسخاء والجود وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة وملازمة الورع والوقار والتواضع والتنظف في البدن واللبسة.
(ومنها) الحذر من الحسد والرياء والإعجاب وتزكية النفس وإزراء الناس وإن كانوا دونه بدرجات.
(ومنها) أنه إذا ترخص في أمر جائز وخيف أن يظن خلافه أن يخبر أصحابه ومن يراه حقيقة ذلك الفعل لينتفعوا ولئلا يأثموا بظنهم السيئ.
القسم الثاني أدبه في درسه - وذلك أن لا يزال مجتهداً في الاشتغال بالعلم قراءة ومطالعة وتعليماً ومباحثة ومذاكرة وتصنيفاً.
وأن لا يستحي من السؤال عما لم يعلم روي أمير المؤمنين عمر أنه قال: من رق وجهه رق علمه: وروى البخاري عن عائشة أم المؤمنين قالت: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين:
وأن لا يمنعه منصبه وشهرته من استفادة ما لا يعرفه فقد كان كثير من السلف يستفيد من تلامذته ما ليس عنده، قال الإمام النووي: قد ثبت في الصحيح رواية جماعة من الصحابة عن التابعين وروى جماعة من التابعين عن تابعي التابعين، وهذا عمرو بن شعيب ليس تابعياً وروى عنه أكثر من سبعين من التابعين، وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ لم يكن الذين كفروا عَلَى أُبي بن كعب وقال أمرني الله أن أقرأ عليك: ويسمون هذا النوع وراية الأكابر عن الأصاغر.
وأن تكون ملازمة الاشتغال بالعلم هي مطلوبة به ورأس ماله فلا يشتغل بغيره فإن اضطر